صدر مشروع قياس الرأي العام العربي تحت مسمى «المؤشر العربي 2012-2013»، الذي يصدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، وهو مؤسسة بحثية عربية للعلوم الاجتماعية والعلوم الاجتماعية التطبيقية والتاريخ الإقليمي والقضايا الجيو-سياسية العربية، أو سياسات دولية تجاه المنطقة العربية، سواء كانت سياسات حكومية أو سياسات مؤسسات وأحزابا وهيئات، ومقر هذا المركز هو الدوحة في دولة قطر.وتناول المركز قضايا عدة ابتداء من الأوضاع العامة لمواطني المنطقة العربية وتقييمات المستجيبين للاستطلاع لمستوى الأمان وأوضاع أسرهم الاقتصادية والوضع السياسي وتقييمهم لمؤسسات الدول وأداء الحكومات، واتجاهات الرأي العام نحو الديموقراطية والمشاركة السياسية، وصولاً إلى تقييم الثورات العربية.لقد وصلني هذا التقرير يوم أمس فقط، ولم تتح لي فرصة الاطلاع عليه بدقة كافية، ولكني حاولت قراءة الاستنتاجات التي تم التوصل إليها من خلال هذا الاستطلاع والتقييم.فمثلاً عبر المستجيبون عن المشاكل الأكثر إلحاحاً في بلدانهم، فبرزت البطالة كأهم مشكلة تواجه بلدانهم، تلاها ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة وغياب الأمان وعدم الاستقرار السياسي والفقر وضعف الخدمات العامة والفساد المالي والإداري، بنسب متفاوتة ومفارقات تدعو أحيانا للعجب والتساؤل.فخمس المستجيبين فقط أفاد بأن حكوماتهم غير جادة على الإطلاق في حل المشكلات، وحول الثقة بمؤسسات الدولة فقد حازت الأجهزة الأمنية من مخابرات ومباحث وأمن دولة ثقة 59 في المئة، ويعلق التقرير: «ان اتجاهات الرأي تبرز الثقة بالأجهزة التنفيذية من عسكرية وشبه عسكرية، أكثر من ثقتها بسلطات الدولة الثلاث، القضائية والتنفيذية والتشريعية، بينما كان تقييم الرأي العام للأداء الحكومي سلبياً بصفة عامة، كما أن الرأي العام في مجمله أي 85 في المئة يعتقد أن الفساد المالي والإداري منتشر جداً في بلدانه، ففي الكويت ترى نسبة 13 في المئة بأن الفساد غير منتشر».وكذلك في الكويت والسعودية والأردن ومصر وتونس وموريتانيا تميل إلى الاعتقاد أن حكوماتهم جادة في محاربة الفساد وبنسب تفوق المعدل العام، ويشير التقرير أن تقييم الرأي العام كلها عوامل تفضي مجتمعة إلى تآكل الثقة بين المواطنين ومؤسسات دولهم الرئيسية، إضافة إلى سيادة شعور بعدم تطبيق الدولة للقانون، ما يؤدي حسب التقرير إلى أن تصبح الدول العربية تعاني من مأزق شرعية لدى مواطنيها.كما تشير النتائج إلى أن أكثرية الرأي العام في المنطقة العربية منحازة إلى نظام سياسي ديموقراطي بنسبة 71 في المئة، وأن تقييم المستجيبين حول مدى ضمان الحريات في بلدانهم لا يشير إلى توافق على غياب الحريات، بل بالعكس من ذلك فالأكثرية تشير إلى أن هذه الحريات مضمونة، خاصة تلك المتعلقة بحريات الرأي وحريات التجمع والتنظيم.أما اتجاهات الرأي العام نحو الثورات العربية بعد أكثر من عام فكانت إيجابية، وترى أن تلك الثورات تمثل حالة يقظة للشعوب العربية، بينما عبر نحو 40 في المئة عن مخاوف من الحركات الإسلامية السياسية، التي لن تحترم قواعد النظام الديموقراطي والحريات العامة.لاحظت في التقرير الذي أُقر بأني لم أدقق فيه كثيراً، أن بعض من تم سؤالهم عن بعض الأمور الحساسة في بلدانهم امتنعوا عن الإجابة، ربما خشية من ألا يكون الاستطلاع محايداً أو آمناً لحياتهم.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com