تُرددُ بعض القوى السياسية والشبابية والكتل النيابية شعارات أو مفاهيم لا تبدو دقيقة وقد تسبب لبساً أو سوء فهم عند المواطن العادي، مثل «الحكومة المنتخبة» و«النظام البرلماني المتكامل» و«الحكومة الشعبية» وغيرها من المفاهيم والشعارات التي نعرف في نهاية الأمر ماذا يُقصد منها.فمثلاً كيف يفهم المواطن العادي مفهوم الحكومة المنتخبة؟ هل هذا يعني انتخاب الشعب للوزراء؟ هذا بالطبع لا يحدث في أي مكان في العالم أن يتقدم أحدهم لترشيح نفسه لوزارة الصحة أو التربية... الخ، لكن قصد من يرفع هذا الشعار هو حكومة تحظى بثقة البرلمان وهنا يصبح المفهوم أكثر دقة يسهل استيعابه من قبل المواطن العادي، وهو متطلب لضمان الثقة والتنمية والتقدم.وعندما طُرح شعار المطالبة «بنظام برلماني كامل» أول مرة كان مفهوماً صحيحاً ودقيقاً، ولكن القوى السياسية والشبابية والنيابية حورته إلى نظام برلماني «متكامل»، فالشيء الكامل يختلف عن الشيء المتكامل فلغوياً هو الفرق بين الفاعل والمتفاعل أي الذي ما زال يتفاعل أو لم يزل يتكامل أو لما يكتمل بعد، وشعار النظام البرلماني الكامل عندما طرح بشكل صحيح أول مرة قُصد منه تحول النظام البرلماني في الكويت الذي يجمع بين النظامين الرئاسي والبرلماني مع ميل للثاني -حسب محاضر المجلس التأسيسي- إلى النظام البرلماني الكامل.أما شعار أو مفهوم الحكومة الشعبية فلا يجب أن يُفسر على أنه تنقيح للدستور وإلغاء حق صاحب السمو أمير البلاد في اختيار رئيس الوزراء، ولكنه يجب أن يُفهم عدم احتكار وزارات السيادة ورئاسة مجلس الوزراء من أبناء الأسرة الحاكمة، ولكن يمكن للأمير كحق دستوري أن يختار مواطناً من خارج الأسرة لرئاسة الوزراء، ويمكن لرئيس الوزراء ترشيح وزراء لوزارات السيادة من خارج أبناء الأسرة الحاكمة، وهذا لا يتعارض مع نصوص الدستور الذي لم ينص على ضرورة أن يكون هؤلاء من أبناء الأسرة.أما المفهوم الذي بدأ يروج أخيراً هو مفهوم «التيار المدني» أو «القوى المدنية»، وهذا يعني قوى مدنية إزاء قوى دينية، أي حصر الصراع بين ما هو مدني وما هو ديني، وقد يكون هذا مفهوماً في قضية محددة أو صراعاً محدوداً بين من يطالب بدولة دينية ومن يطالب بدولة مدنية ديموقراطية ذات مؤسسات وقوانين.لكن ماذا عن القضايا الوطنية الأخرى مثل الديموقراطية السياسية كقضايا الحريات والديموقراطية الاجتماعية أي المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص؟ فالقضايا الوطنية ومهام التطور الديموقراطي لا تنحصر في الصراع بين الديني والمدني، وعلى الأقل لا يجب أن يكون هو الصراع الرئيسي.إن أي شعار سياسي يطرح يجب أن يكون دقيقاً ومفهوماً لا يثير اللبس عند الناس، وجزء من مسؤولية القوى السياسية هو شرح الشعار أو المطلب للناس بل وتهيئتها مسبقاً، وهذا ما يسمى بالتوعية لتعبئة رأي عام حول القضايا والمطالب.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com