طالعتنا بعض وسائل الاعلام بخبر حول غش الشركات المصنعة للدواء، حيث تحايلت احدى الشركات الدوائية الكبيرة من خلال التلاعب بالمواد الفعّالة في الدواء مما يقلل كلفته ويحد في الوقت نفسه من فاعليته في معالجة الأمراض، وذلك كي تواجه المطالبات المتزايدة لخفض أسعار الدواء.هذا الغش الذي مارسته هذه الشركة وغيرها من الشركات الدوائية الرأسمالية الكبرى، عن طريق تقليل فاعلية أدوية مهمة خاصة تلك المضادة للالتهاب والمضادة للآلام وتلك التي تمثل مكملات غذائية، مما يؤثر بكل تأكيد على صحة الانسان، فقط في سبيل المحافظة على نسبة الأرباح المرتفعة.وهذا حدث من قبل في صناعة الشوكولاتة واللحوم الجاهزة بعد زلزال الأزمة الاقتصادية الرأسمالية التي تسمى بـ«الكساد الكبير الثاني»، وهي لا تكتفي بالغش لمضاعفة الأرباح، بل وتعمد الى محاربة المخترعات والمكتشفات الدوائية الجديدة واضعة نفسها في موقع العداء مع العلم وتطوره.فقد نشرت الـ«بي بي سي» في صفحة الأعمال BBC-NEWS BUSINESS في 1 ابريل 2013م: «أن الشركة السويسرية الضخمة للصناعات الدوائية «نوفارتز» رفضت حكم المحكمة العليا الهندية لصالح براءة اختراع دواء محسّن هندي لعلاج مرضى الحالات المتقدمة من سرطان الدم «اللوكيميا» حيث يباع الدواء للمرضى في الهند أرخص بكثير مما تبيعه الشركة السويسرية العملاقة «نوفارتز Novartis» والتي ترى أن الدواء الهندي يختلف بشكل طفيف عن الدواء السويسري، علماً بأن الدواء السويسري يكلف 2600 دولار أو 1710 جنيهات استرلينية في الشهر، بينما الدواء الهندي المسمى «Glivec» يكلف 175 دولاراً فقط، وهو يفتح أملاً جديداً أمام الفقراء وذوي الدخول المحدودة في العالم النامي ويتيح لهم علاج هذا المرض القاتل بسعر منخفض.وبدلاً من ان تفرح الشركة السويسرية لوجود دواء يقضي على المرض بشكل واسع، رفضت هذا الاختراع ورفعت دعاوى على الشركة الهندية التي اخترعت دواء محسناً وأرخص بكثير من الدواء الذي تنتجه الشركة السويسرية، مما يعني عدم تشجيع الاختراعات العلمية الهندية.ومن المعروف تاريخياً أن الرأسمالية تحارب المكتشفات العلمية التي قد تضر بأرباحها الهائلة حتى وان كان ذلك على حساب صحة وسعادة ورخاء البشرية، فجميعنا يعرف أن العالم الأميركي توماس أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي «اللمبة» حورب من الشركات التي كانت محتكرة لانارة شوارع نيويورك، واتهمته بالدجل ورفعت عليه قضايا في المحاكم، حيث ان اختراعه الذي أنار شوارعنا وبيوتنا كان يهدد جشعها للربح.ومعروف أيضاً قصة اختراع السيارة التي تسير بواسطة الكهرباء، حيث شرح مخترعو ومصنعو هذه السيارة أهميتها كسيارة صديقة للبيئة وهادئة لا يصدر عن استخدامها ضجيج أو تلوث للبيئة بسبب حرق البنزين، وفي عام 1996م أصبحت هذه السيارة تسير في شوارع كاليفورنيا بجهد أو عزم ميكانيكي قليل، وبعد عشر سنوات اختفت هذه السيارة فجأة فماذا حدث؟ومنذ السبعينات كانت هناك محاولات لتعميم نموذج السيارة التي تعمل بالكهرباء، بل أن العلماء اخترعوا سيارة تسير بالطاقة الشمسية، وحسّنوا من السيارتين الكهربائية والتي تعمل بالطاقة الشمسية لتصبح سريعة.ولكن الشركات الرأسمالية الكبرى التي تنتج البترول ومشتقاته مثل شركة «موبايل» Mobil رفضت هذا الاختراع الذي يهدد أسعار البترول ومشتقاته مثل البنزين، وحتى البيت الأبيض أو الحكومة الفيديرالية الأميركية بقيادة جورج بوش الابن دافعت عن شركات النفط والسيارة التي تسير بالبنزين، ووعدت بتحسين الوقود وتحويله الى هيدروجين.ورُفعت قضايا أمام المحاكم من قبل شركات النفط ضد تصنيع وبيع السيارات الكهربائية وربحتها بالاستعانة بالحكومة الأميركية، وتم وأد الوليد الجديد في 24 ابريل 2003م.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com