لقد كانت مبادرة صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح عندما أمر بالعفو عن كل من صدرت بحقهم أحكام نهائية في قضايا التعدي على الذات الأميرية خطوة ايجابية، ولاشك أن هذه الخطوة قد لاقت صدى ايجابياً لدى المحكومين وأهلهم بل وأهل الكويت جميعاً.وتأتي هذه الخطوة الحكيمة بعد فترة احتقان سياسي عاشتها الكويت وعانى منها شعبها لفترة غير قصيرة، خلقت حالة من عدم الاستقرار والقلق الشديدين من التحول الى نهج العنف والقمع الأمني والملاحقات السياسية وتلفيق التهم المعلبة للشباب على خلفية تعبيرهم السلمي أثناء الحراك الشعبي المتكرر والخروج بتجمعات احتجاجية رافضة لانتهاك الدستور والانفراد بالقرار ومطالبة بالحفاظ على مكتسبات دستور 1962م، وداعية الى احترام القوانين الدستورية التي ناضل الآباء والأجداد من أجل تحقيقها، ومطالبةً بتطوير هذا الدستور بما يناسب متطلبات العصر وتطلعات الشعب الكويتي للعودة الى مشروع بناء الدولة الحديثة، دولة القانون ومؤسسات المجتمع المدني واحترام حريات وارادة الشعب في القضاء على الفساد وضرورة الاصلاح السياسي وصولاً الى نظام برلماني كامل يكفل حق كل مواطن بالكرامة والرخاء والعيش الكريم والآمن.ولأن الأزمة الخانقة التي مررنا بها هي أزمة سياسية بالدرجة الأولى فان حلها لا يكون الا بحلول سياسية، تجمع كل مكونات المجتمع وطوائفه ضمن أسس المواطنة الدستورية، ويتم من خلالها نزع فتيل الأزمة والتحلي بالحكمة وتغليب المصلحة الوطنية، وخاصة أننا نعيش في عالم يموج بالاضطرابات وعدم الاستقرار الأمني من حولنا، اضافة الى أخطار يجب الانتباه لها واليقظة منها والتي قد تكوينا بنارها جميعاً بغض النظر عن اختلافاتنا في الرأي، وان مزيداً من التعنت والعناد سيقودان حتماً الى مزيد من الاحتقان وتعميق الأزمات ما يشكل خطراً على مستقبل البلد وأبنائه.ان خطوة العفو الأميري الايجابية بعثت الأمل فينا لعودة الأمان والاستقرار، لكننا بالتأكيد نتمنى استكمالها باسقاط كافة التهم ضد المتهمين بقضايا سياسية وقضايا رأي بما فيها قضايا أمن الدولة المبالغ بها، والتي صورت تعبير الناشطين والشباب عن رأيهم بأنها محاولات أو تآمر لقلب نظام الحكم.ولن تكتمل هذه الخطوة المحمودة الا بإلغاء القوانين المقيدة للحريات، بما فيها قانون التجمعات والتظاهر السلمي وحق الاضراب عن العمل الذي كفلته القوانين والمعاهدات الدولية، وحق المواطن بالتعبير عن رفضه للسياسات الحكومية وللفساد وتنفيع القلة المتنفذة على حساب غالبية الشعب الكويتي.فلا أمل في التنمية التي تعمل لصالح المواطن الا من خلال الاصلاح السياسي، الذي تتحقق أولى أبجدياته باستكمال النظام البرلماني الكامل من خلال تشريع قانون لاشهار الأحزاب السياسية على أسس وطنية، واصلاح النظام الانتخابي واستبدال هذا النظام الجديد الذي مزق الشعب الكويتي بنظام عادل يقوم على القوائم النسبية وتمثيل لجميع مكونات المجتمع وليس بترقيعه من خلال قانون بنظام الصوتين.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com