كل الكويتيين يترقبون حكم المحكمة الدستورية في شأن قانون مرسوم الصوت الواحد، سواء من المؤيدين أو المعترضين عليه، والذي أدى لمقاطعة الانتخابات الماضية من قبل قطاع واسع من القوى والتيارات السياسية والناشطين والمهتمين من المواطنين في الشأن الديموقراطي للبلد.ووصفت القوى السياسية الوطنية الحكم المفترض صدوره يوم 16 يونيو الجاري بأنه سيكون حكماً تاريخياً قد تتجاوز الكويت من بعده حالة الاحتقان السياسي التي تفاقمت بعد إصدار المرسوم، وإجراء الانتخابات بناء عليه .إن الحديث عن هذا الحكم وتداعياته سواء من خلال البيانات السياسية أو من خلال الكتاب في الصحافة المحلية، لا يعد ضغطاً وتدخلاً في الشأن القضائي المستقل الذي لا سلطان عليه كما هو معروف في القضايا الجنائية، إن لهذه المحكمة طبيعة خاصة، حيث تترك آثار حكمها على مجمل المجتمع الكويتي ومستقبله الدستوري والانتخابي وبالنهاية على شكل النظام الديموقراطي في المستقبل.إذ إن مواد الدستور في شأن هذه المحكمة الخاصة، وبالتحديد المذكرة التفسيرية للمادة (173) تدعو لإشراك ممثلين عن مجلس الأمة وممثلين عن الحكومة في تشكيلها، على خلاف المحاكم الأخرى التي يجب أن يتولاها قضاة فقط أي من السلطة القضائية، كما أنها لا تنطلق في أحكامها من القوانين فقط بل تأخذ في عين الاعتبار وجهات النظر المختلفة والاعتبارات، لأن حكمها لا يتناول قضايا جزئية مثل الجنايات بل يمس مستقبل الأمة بأكملها.وفي فترة الانتظار والقلق المرير ترتفع بورصة التوقعات، فهناك من يرى أن المحكمة ستحكم بعدم اختصاصها بالمراسيم لأنها من أعمال السياسة الخاصة بصاحب السمو الأمير ومجلس الأمة، وهناك من يرى أنه سبق لهذه المحكمة الجليلة أن أصدرت في مرة حكماً في الشروط الموجبة للضرورة، ولذا أبطلت مراسيم سابقة وفي مرة أخرى أصدرت حكماً بعدم الاختصاص، مع هذه الحالة لا يمكن التنبؤ بالحكم المقبل يوم 16 يونيو والذي ينتظره الشعب على أحر من الجمر، فيوم صدوره سيكون يوماً تاريخياً مفصلياً سيترك أثره على حاضر ومستقبل الكويت كما ذكر بيان القوى الوطنية.وهناك آراء ترجح أن الكويت تقتدي بالأردن، وخاصة أن الصحافة المحلية نشرت خبراً مفاده توقيع اتفاق أو تفاهم بين القضائين الكويتي والأردني بغية الاستفادة من الخبرات القضائية الأردنية، والأردن كما نعلم أقرأخيراً قانون «الصوتين» بدلاً من «الصوت الواحد»، لكن القوى السياسية في الأردن رأت أن عملية المساومة على صوتين لن تغير كثيراً من نتائج الانتخابات النيابية في الأردن، رغم أن الأمر يبدو عادلاً أو كأنه استجابة لمطالب الجماهير الأردنية وقواها السياسية الواعية لهدف هذه المساومة التي ترمي لتخفيف الاحتقان وتحقيق أهداف السلطة في تفتيت المعارضة وتشتيتها وخلق مجلس نيابي مطيع ومؤيد لكل إجراءات الحكومة، وتذهب بعض التخمينات إلى أن المحكمة قد تبطل إنشاء الهيئة العليا للانتخابات وستُبقي على مرسوم الصوت الواحد يحدد مصيره مجلس يسهل التلاعب بقراراته من قبل الحكومة.ونرى أن الأهم ليس حكم المحكمة الدستورية في شأن الصوت الواحد، فتلك جزئية لا تغير من نهج السلطة العام، فرغم أن بعض القوى السياسية والنيابية والشخصيات بدأ يسيل لعابها منذ هذه اللحظة على كرسي البرلمان أياً كان الحكم المرتقب، وهو عيب سيلازم غالبية القوى السياسية الكويتية التي لا تعرف سوى النضال البرلماني، وهو ما اعتادت عليه لنصف قرن.إن القضية لا تنحصر في مرسوم الصوت الواحد، فحتى وإن جاء الحكم بالطعن بعدم دستورية هذا المرسوم، والعودة لتحديد الدوائر الخمس بأربعة أصوات، تبقى القضية الأهم هي التطور الديموقراطي باتجاه النظام البرلماني الكامل واشهار الأحزاب، وهذا ما يدفع الكويت والمجتمع الكويتي خطوة إلى الأمام في طريق التطور.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com