في هذه الأيام تعيش القوى السياسية والنيابية، سواء من جانب المعارضين لمرسوم الصوت الواحد أو المؤيدين له، انتظاراً وترقباً لصدور حكم المحكمة الدستورية في بدايات الشهر المقبل.إن حكم المحكمة الدستورية يستحق المتابعة والاهتمام، لأنه سيحدد معالم وتوجهات القوى السياسية وائتلاف المعارضة نتيجة له، كما سيحدد توجهات وسياسات الحكومة في الآتي من الأيام سواء تماديها في نهجها أو تراجعها عن هذا النهج ولكن لفترة موقتة لن يتم خلالها تلبية «مطالب المعارضة» بالاصلاح السياسي والديموقراطي، ولن يغير من نهج التربص بالدستور والحياة الديموقراطية، فهذا النهج لم يكن زلة أو نزوة عابرة بل نهج تؤمن به السلطة منذ زمن يسبق صدور مرسوم الصوت الواحد وسيستمر بعده، خصوصاً أنها وحلفاءها المتنفذين لا يؤمنون حقيقة بالديموقراطية وبالدستور الذي طالما اعتبروه خطأ تاريخياً ما كان له أن يحدث، لذا تعرض هذا الدستور إلى التعطيل والعبث بمواده بل إيقاف العمل به مرتين خلال تجربة الخمسين عاماً الماضية إضافة إلى تزوير الانتخابات أو شراء الأصوات واللعب بنتائج الانتخابات، فحق النواب بالمراقبة والمساءلة يشكل تعطيلاً وتقييداً لمصالح الحلف الطبقي.ولأنه لا توجد معارضة جذرية أو قوى سياسية ذات مصلحة حقيقية في الاصلاح والتغيير، بل ينصب جل اهتمام معظمها على العملية الانتخابية، إضافة إلى التجاذبات والتناقضات داخلها سيجعلها منقسمة تجاه تحصين المحكمة لمرسوم الصوت الواحد وفي أقصى الأحوال قد يساوم البعض منهم على صوتين حتى يتمكن من خوض الانتخابات.لا أحد يخمن ما سيكون عليه حكم المحكمة الدستورية، لأن السوابق في هذا المجال أي مراسيم الضرورة كانت متفاوتة حيث اعتبرته عملاً من أعمال السيادة ليس من اختصاصها مرة، ومرة أخرى أبطلته لأنه لا تتوافر فيه شروط ومتطلبات الضرورة المقررة في المادة 71 من الدستور.كما أن قرار المحكمة إن كان سيؤدي لغير صالح مرسوم الصوت الواحد، فقد يتم إبطال انتخابات ديسمبر 2012م، فإما سيعاد مجلس 2009م وهو المرفوض شعبياً وإما إجراء انتخابات جديدة وفقاً لنظام الدوائر الخمس والأربعة أصوات وهذا سيسهم في تخفيف حالة الاحتقان السياسي.هناك أطراف بالمعارضة ستسلم بقرار تحصين المحكمة لمرسوم الصوت الواحد على خلفية احترامها لحكم المحكمة الدستورية فهي تبحث عن غطاء دستوري وقانوني للمشاركة في الانتخابات، وهناك أطراف سترى أن الحكم بهذا الاتجاه سيلحق الضرر بمصالحها وأوضاعها الانتخابية.القضية بالأساس سياسية وليست تشريعية أو قانونية تنحصر بمرسوم الصوت الواحد، فأياً كان حكم المحكمة الدستورية وتداعياته المختلفة، لا يجب أن تفتت المعارضة نفسها وتوقف زخم الحراك الكبير المطالب بالاصلاح السياسي والتطور الديموقراطي باتجاه النظام البرلماني الكامل، وهو خطوة مهمة لتقدم البلد وتحقيق التنمية المستدامة المستحقة والعودة لمشروع بناء الدولة المدنية الحديثة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.comمنقول عن جريدة الراي تاريخ 25/05/2013 العدد:12383