إلى ماذا وصلنا وإلى أين نتَجه؟ فمن انحيازٍ للشعب الكويتي واعتماد الرعاية الاجتماعية والحرية والكرامة والنهضة الثقافية والحضارية نهجاً في ستينات القرن الماضي، إلى تشريعات ضد مصالحه وتدهور في الإدارة السياسية وانحدار للقيم الإنسانية وانتقائية وتعسف في تطبيق القوانين في القرن الحادي والعشرين.فقد أظهر تقرير «فريدم هاوس» 2013م انتكاسة للحريات في الكويت، ويتم بشكل يومي التعامل مع الشعب كقطيع غنم ورعية من خلال شتمه وتخوينه والإساءة إلى أصوله وعدم السماح لأفراده برفع قضايا على أجهزة الدولة التي تحض على تطبيق القوانين، فالحكومة هي من ينتهك القانون وهي من يطبقه بانتقائية بل تستخدمه وسيلة انتقامية ضد من يعارضها، وتجير القوانين والتشريعات لصالح فئة متنفذة وفاسدة.قالوا ان الصوت الواحد يكفل العدالة ويقضي على التعصب الطائفي والقبلي والفئوي، وها هو يمزق الشعب والنسيج الاجتماعي، ويعتقدون أن المعارضين يتوقفون عند مرسوم الصوت الواحد، بينما في الواقع هم يعارضون ما سيأتي به الصوت الواحد ويخشون من نتائجه الكارثية على مستقبل الوطن.فقد أعلنت الحكومة اخيراً عما أسمته أولويات تشريعية عددها ستة وخمسون مشروعاً بقانون، ومرر كاقتراح بقانون مقدم من نواب «الصوت الواحد»، وهذه التشريعات في مجملها انتقاص من الحقوق الديموقراطية والاقتصادية والاجتماعية للشعب تمهيداً لاستكمال الانقلاب على الدستور وتنفيعاً للقلة المتنفذة والفاسدة.من هذه التشريعات تطبيق وصفة صندوق النقد الدولي سيئ الصيت لفرض الضريبة المضافة على مشتريات المستهلكين من أبناء الشعب الكويتي، بدلاً من تطبيق الضريبة العادلة على الشركات والدخول الكبيرة أو الضريبة التصاعدية على الدخول وهو ما كان يطالب به المخلصون، ورغم عدم وجود عجز حقيقي إلا أن الحكومة تصر على تحميل المواطن أعباء تمويل الخزينة العامة، ما يعني كذلك رفع الحكومة أو القطاع العام يدها عن الرعاية والدعم الاجتماعيين، ما يعني أيضاً إفقار مجمل الشعب وزيادة في غنى الأغنياء وهذا من شأنه توسيع الهوة الطبقية وزيادة المعاناة المعيشية لأغلبية الشعب الكويتي خصوصاً محدودي الدخل.وفي المقابل يتم اقتراح مشروع بقانون يطلق أيدي القطاع الخاص أو المتنفذين للاستيلاء على أراضي الدولة دون ضوابط أو قيود عبر تعديل أحكام قانون نظام أملاك الدولة (بي أو تي).وفي مجال الحريات فقد قدمت الحكومة مشروعاً بقانون للإعلام من شأنه التضييق على الحريات الإعلامية وفرض قائمة من محظورات النشر، وفرض عقوبات على النشر في الوسائل الالكترونية، وكذلك مصادرة حقوق المتهمين وتجريم الاضراب عن العمل وزيادة مدة الحبس الاحتياطي والحجز كعقوبة سابقة على صدور الأحكام القضائية.واستباقاً لقرار المحكمة الدستورية فقد أعدت الحكومة اقتراحاً بقانون ليقدم باسم نواب «مجلس الصوت الواحد» لإعادة تحديد الدوائر الانتخابية كبديل عن المرسوم بقانون مع الإبقاء على آلية الصوت الواحد، بحيث يصبح لا معنى لقرار المحكمة الدستورية التي قد تقرر بطلان المرسوم الذي من شأنه ابطال هذا المجلس، وبذلك يتكرس الصوت الواحد بطريقة تشريعية.هذه الأولويات التشريعية والتي سيبصم عليها «مجلس الصوت الواحد» حتماً، هي هجمة منظمة على حقوق الشعب وأمواله وحرياته، كما أنها فزعة تشريعية لصالح القلة المتنفذة والفاسدة لمزيد من نهب قوت الشعب وأمواله.ومنا إلى من اتهم المقاطعين للانتخابات بأنهم غوغائيون يسعون لمصالحهم الخاصة ويهدفون إلى الانقلاب على الحكم وزعزعة الاستقرار وينفذون أجندات خارجية، فمن الذي يقف ضد مصالح الشعب والوطن؟وليد الرجيبosbohatw@gmail.comمنقول عن جريدة الراي تاريخ 191\2013 العدد:12255.