قد لا يدرك البعض خطورة الحرب على سورية وتداعياتها على منطقتنا العربية، فالتحضير لهجوم عدواني أميركي على سورية بحد ذاته قد أجّج النعرات الطائفية البغيضة واستنفر الجوار الاقليمي، فرغم الادعاء بمحدودية الضربة العسكرية على مواقع سورية الا أنه لا يستبعد أن تمتد نيرانها الى دول الجوار بل ربما أبعد من ذلك.نحن ضحية مخططات مرسومة منذ زمن بعيد لتفتيت دولنا واشعال اقتتال داخلي وايقاظ خلايا ارهابية ربتها الولايات المتحدة وتبنتها منذ «طالبان» وحتى تمكين اسلام على الطراز الأميركي من الحكم في بعض دولنا.وكذلك نحن ضحية تنافس امبريالي رأسمالي على مناطق النفوذ بالعالم، بعدما ظنت الولايات المتحدة خطأً وكما هي العادة في فشل حساباتها أنها ستظل للأبد قطباً واحداً يدير العالم كما تريد شركاتها الرأسمالية الكبرى، فالبوارج الأميركية والروسية التي اكتظ بها البحر الأبيض المتوسط هي ليست لردع استبداد النظام السوري أو ضد هذا الردع فقط، ولكنها لعبة شد حبل وتجاذب بين روسيا وأميركا، ورغم ذلك فلا بأس من الاجتماع والمصافحة في قمة العشرين التي تعقد عادة كلعبة «المنبولي» لتقسيم الاستحواذات على مقدرات الشعوب.وان اتفقت هذه الدول على مصالحها الا أنها أطلقت عقال الصراع المذهبي في المنطقة حتى قبل أن تبدأ الحرب، فها هي الأخبار تأتينا حول تهديد ايراني للمصالح الأميركية في المنطقة وهذا يشمل الكويت بكل تأكيد لأنها احدى الدول التي تحتضن وجوداً وقواعد عسكرية أميركية، وقد تفرض عليها الولايات المتحدة تمويل هذه الحرب وتغطية تكاليفها من أموال شعبنا المحروم من تنمية تحسن مستواه المعيشي.فلن نكون بأي حال من الأحوال بمنأى عن أوار هذا الجنون الأميركي غير المستند الى شرعية دولية، وهذا التنافس المحموم بين الدول الكبرى والاقليمية، فقد كشفت احدى الصحف اللبنانية أن هناك خططاً من ميليشيات مسلحة من قبل الحرس الثوري الايراني لقصف موانئ كويتية تزامناً مع الضربة العسكرية الوشيكة، وستشارك ميليشيات عراقية موالية لايران وسورية في تنفيذ هذه الخطط التي تتضمن ضرب السفارات الأجنبية في العراق ودول المنطقة، وهذه الخطط سواء كانت صحيحة أم لا، الا أنها أجّجت مسبقاً التعصب الطائفي الذي قد يقود الى تطرف وتطرف مضاد.وحتى الشعب السوري نفسه الذي يعاني من وحشية نظامه ويريد الخلاص منه يرفض هذا التدخل الأميركي البربري تحت أي غطاء أو مزاعم والذي سيكون ضحيته الشعب السوري نفسه، ما عدا أطراف محدودة في المعارضة السورية التي لا تملك حنكة سياسية ولا بعد نظر، بل طالبت منذ البداية بالتدخل العسكري الأجنبي في شؤون بلادها.بينما غالبية الشعوب العربية وقواها الوطنية والتقدمية ترفض عودة التراث الكولنيالي خاصة بعد أن تحررت من أنظمة عميلة كانت تقبع على صدورها، فعاد الوعي اليها واستيقظت روحها الوطنية التحررية.لن نكون بمنأى عن لهيب الحرب الأميركية وغطرستها، في ظل ضعف جهوزية الدولة ضد الكوارث والحروب رغم تجربة الاحتلال المريرة وتضحيات شعبنا الأبي، الا أننا سمحنا لأنفسنا أن نكون هدفاً دائماً للعدوان والارهاب.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com