مشروع ائتلاف المعارضة للإصلاح السياسي
أعلن ائتلاف المعارضة مشروعه حول الإصلاح السياسي رسمياً بعد مضي وقت طويل على تأسيسه أي ما يقارب السنة أو أكثر، وبعدما قدمت التنظيمات المشاركة فيه سواء في المكتب السياسي أم في الجمعية العمومية اقتراحاتها ورؤيتها للإصلاح السياسي المنشود بإقامة نظام برلماني كامل، وهو ما يطمح له أبناء الشعب وكان أحد أسباب الحراك الشعبي.ويبدو أنه قد تمت تعديلات وملاحظات على ورقة المشروع مرات عدة، وأحياناً بطريقة مثيرة للريبة مثل التعديل الذي أرادت حدس أن تضيفه أخيراً وهو تعديل المادة 79 من الدستور الكويتي بحيث تخرج جميع القوانين من مجلس الأمة ويوافق عليها الأمير على أن تكون متوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية، وهي المادة التي أثارت تخوفاً لدى الشعب الكويتي من أسلمة القوانين وإلغاء مدنية الدولة، حيث ردها صاحب السمو الأمير لأن تعديلها سيثير الخلافات السياسية والفتن الطائفية المذهبية ويهدد الوحدة الوطنية.وتساءلنا جميعاً لماذا أعادت حدس طرح هذه المادة المرفوضة شعبياً ورسمياً في تعديلاتها على ورقة المشروع، وهو ما يتناقض مع الهدف من تأسيس الائتلاف ومشروع الإصلاح السياسي، حتى أصبح لدى البعض شعور أن حدس هدفها «فركشة» الائتلاف أو التنصل منه، لأن تعديل المادة سيلقى رفضاً قاطعاً من القوى الأخرى، ولم تتخل حدس عن موقفها من تعديل هذه المادة، إذ وقع د. جمعان الحربش ضمن من وقع من المكتب السياسي على وثيقة المشروع مضيفاً «مع التحفظ على عدم تعديل المادة 79».ورغم ذلك خرج مشروع الائتلاف النهائي قبل موافقة جميع الأطراف المشاركة، ويحمل جرعة دينية زائدة وليس فيه أي إشارة إلى الحريات الشخصية أو مدنية الدولة، إضافة إلى أن التمهيد في وثيقة المشروع وهي ديباجة تعتبر جزءا لا يتجزأ من الوثيقة ذاتها جاء في الفقرة الثانية منها عبارة « ومن خلال ما سطره الخلفاء الراشدون في حكمهم قد تضمن معاني (الحكم الشرعي) الذي يربط بين المسؤولية والسلطة لا انفصام بينهما» والحكم الشرعي الوارد هنا يعني الحكم الديني، وهو أمر يناسب أجندة قوى الإسلام السياسي، لكنه لا يوافق رأي جميع القوى السياسية وقطاع كبير من الشعب الكويتي، فما الغرض من ذلك وما هي دوافع اخوان الكويت الحقيقية من هذا الخطاب الديني غير المُتوافَق عليه؟والغريب في الأمر أن الحركة الدستورية الإسلامية كانت شبه سلبية ولم تحاول أن تتصدر المشهد لا في الجبهة الوطنية لحماية الدستور ولا في ائتلاف المعارضة، فما سبب تغير مواقفها؟ هل السبب يعود إلى ما يواجهه الاخوان المسلمين في الكويت من تعقيدات استجدت في علاقتهم بالسلطة، وخاصة بعد تقليص نفوذهم بإجراءات أشبه بتقليم الأظافر، مثل إغلاق النادي الصحي في مقر جمعية الإصلاح الاجتماعي، وخروجهم من مجلس إدارة جمعية الروضة التعاونية لصالح الليبراليين، وأخيراً فقدانهم لأهم معاقلهم المالية مثل بيت التمويل لصالح أبناء التجار وربما سيكون هناك المزيد من هذه الإجراءات، فأرادوا توجيه رسالة للسلطة مفادها: إذا لم تُحتضن الجماعة من قبلها فإنها ستكون ضمن المعارضة.ثم لماذا الاستعجال في إقرار وطرح المشروع وعدم انتظار ملاحظات بقية الأطراف المشاركة في الائتلاف؟ هل اشتمّت المعارضة رائحة انتخابات جديدة مبكرة ضمن نظام الصوتين بدلاً من الصوت الواحد؟ مما سيعني تحلل الائتلاف عملياً حيث تمثل الانتخابات مركز الاهتمام الأول لدى معظم القوى السياسية، إذ في حال مشاركتها في الانتخابات سيخوضها الائتلاف بشكل فردي وليس على أساس جبهوي، وهو ما يفرض خطاباً انتخابياً للقواعد الانتخابية لكل من حدس والتكتل الشعبي.أما موضوع الحراك الشعبي، فإن الناس تخرج من أجل قضاياها الوطنية ولا تخرج من أجل شعار ديني أو طائفي أو انتخابي، ولا يملك أي تيار سياسي أو ائتلاف دعوة الجمهور للتظاهر فتخرج لمجرد دعوتها.نحن نتمنى التوفيق للائتلاف لتحقيق أهداف الإصلاح السياسي، ونتمنى أن يتم التوافق بين القوى السياسية كافة من أجل قضايا الوطن والشعب.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
____________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 14\03\2014 العدد:12705