مقال للزميل أحمد الديين بعنوان "أولويات الحكومة ونواب مجلس الصوت الواحد: برنامج للهجوم على حريات الشعب وحقوقه ومصالحه وأمواله! "
الأولويات التشريعية التي أعلنت الحكومة عنها، وعددها ستة وخمسون مشروعاً بقانون، بالإضافة إلى مشروع القانون الذي أعدّته الأجهزة الحكومية ومررته كاقتراح بقانون مقدّم من بعض نوابها لتكريس آلية الصوت الواحد، تمثّل في مجموعها برنامجاً متكاملاً للهجوم السلطوي المبرمج على الحقوق الديمقراطية للمواطنين وللتضييق على حرياتهم والانتقاص من مكاسبهم الاقتصادية الاجتماعية وللاستحواذ على أملاك الدولة والأموال العامة، وذلك بما يساعد السلطة على استكمال مخططها في الانقلاب التدريجي على الدستور وبما يخدم في الوقت نفسه مصالح قوى الحلف الطبقي المسيطر.
فقد تضمّنت الأولويات التشريعية إقرار مشروع بقانون متكامل وموحّد للإعلام يتضمن المرئي والمسموع والنشر والمطبوعات والنشر الإلكتروني، بحيث يضيّق أكثر على حرية الإعلام؛ ويفرض قائمة طويلة بما يُحظر نشره أو بثّه والعقوبات المقررة لذلك، ليشمل هذا المشروع بقانون في محظوراته وقيوده ما يُنشره المدونون والمغردون على الانترنت عبر المواقع الإلكترونية والمدونات وحسابات التواصل الاجتماعي التويتر والفيس بوك وغيرها.
وإلى جانب هذا التضييق على حرية الإعلام فإنّ أولويات الحكومة تتضمن إقرار مشروعات بقوانين من شأنها مصادرة حقوق المتهمين وفرض قيود جديدة على حرية التجمع وتجريم حرية الإضراب عن العمل، وهذا ما يتضح في مشروع القانون الجديد بشأن تعديل بعض أحكام قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية لنقض الانجاز الذي حققه مجلس الأمة المنتخب في فبراير 2012 بتقليص مدد الحجز والحبس الاحتياطي، بحيث تتم زيادتها بما يتناسب مع التوجّه لتحويلها إلى عقوبات سابقة للمحاكمة... وكذلك مشروع القانون الذي يضيف مادة إلى قانون الجزاء تجرّم التجمهر أمام دور العدالة، ومشروع القانون الثالث بتعديل بعض أحكام قانون الخدمة المدنية الذي يجرّم الحقّ الديمقراطي في الإضراب عن العمل.
وغير ذلك، فإنّ برنامج الأولويات التشريعية للحكومة بدلاً من استحداثه الضريبة المستحقة على الدخول الكبيرة للمساهمة في تمويل الخزينة العامة للدولة نجده يوجّه سهامه نحو الطبقات الشعبية حيث يتضمّن برنامج الأولويات مشروعاً بقانون لاستحداث ضريبة المضافة، وهي ضريبة غير مباشرة تضيف نسبة محددة على فواتير مشتريات المستهلكين، وكذلك هناك مشروع آخر بقانون بتعديل أحكام القانون رقم 79 لسنة 1995 بشأن الرسوم والتكاليف المالية مقابل الانتفاع بالمرافق والخدمات العامة لفتح الأبواب على مصاريعها أمام الحكومة لزيادة الرسوم الحالية ولاستحداث رسوم جديدة، وذلك عبر قرارات وزارية يمكن إصدارها في أي وقت ومن دون الحاجة إلى إصدار قوانين، مثلما هو الوضع منذ 1995 إلى يومنا هذا... وبالتأكيد فإنّ هذين المشروعين بقانونين سيرهقان كاهل المستهلكين وعموم المواطنين والسكان من محدودي الدخول بأعباء معيشية إضافية تزيد من معاناتهم.
وفي مقابل هذا الهجوم على محدودي الدخول فإنّ برنامج الأولويات التشريعية للحكومة يضم مشروعاً بقانون يطلق أيدي القطاع الخاص في الاستيلاء على المزيد من أراضي الدولة من دون قيود وضوابط عبر تعديل أحكام قانون نظام أملاك الدولة تنظيم عمليات البناء والتشغيل والتمويل (بي أو تي).
أما الأولوية الخفيّة للحكومة التي لم يتضمنها برنامج أولوياتها المعلنة فهي الاقتراح بقانون الذي أعدّته أجهزتها وقدّمته إلى عدد من نوابها ليقدموه بأسمائهم وتوقيعاتهم لإعادة تحديد الدوائر الانتخابية، بحيث يكون هذا القانون في حال إقراره بديلاً عن المرسوم بقانون في شأن الصوت الواحد متضمناً إعادة توزيع لمناطق الدوائر الانتخابية الخمس مع الإبقاء على آلية الصوت الواحد، وذلك بهدف الالتفاف على حكم المحكمة الدستورية في الطعون المقدمة بعدم دستورية المرسوم بقانون، حتى لا يعود هناك أي معنى لإصدار هذا الحكم لكونه متصلاً بمرسوم قانون لم يعد له وجود بعد أن يجري إقرار القانون البديل له، فيتم عبر هذه الحيلة التشريعية تكريس آلية الصوت الواحد كأمر واقع.
باختصار، نحن الآن أمام برنامج شامل للهجوم التشريعي المنظم على حريات الشعب وعلى حقوقه ومصالحه وأمواله، ولم نعد أمام مجرد مرسوم قانون الصوت الواحد... وهذا ما يفرض علينا مواجهة شاملة يجب أن نكون مستعدين لخوضها عبر برنامج متفق عليه للتصدي الموحد لنهج السلطة من جهة ومن أجل تحقيق التغيير الديمقراطي من جهة أخرى، وذلك بالاستناد إلى نضال جماهيري دؤوب وطويل النَفَس؛ مع إيجاد آلية لتعاون القوى الشعبية وتنسيق مواقفها وتحركاتها.
أحمد الديين
عضو التيار التقدمي الكويتي