صادف تاريخ 11-11-2012 الذكرى الخمسون لاعلان دستور دولة الكويت, الذي ناضل من اجله الاباء المؤسسون, وافق عليه سمو الامير الراحل عبدالله السالم الصباح. لهذا التاريخ ولهذا الدستور عبق ورائحة طيبة في نفوس الكويتيين حيث منحهم حقوقهم, وضمن لهم حرياتهم على مدى خمسين عام. والاهم من هذا كله -وفقا للمادةالسادسة من الدستور -جعل المواطنين اصحاب سيادة ومصدر للسلطات جميعها. ونظرا للظروف الراهنة التي نعيشها لست سنوات منذ تولي ناصر المحمد رئاسة مجلس الوزراء حيث نعيش حالة من الاختناق والاحتقان السياسي التي انتقلت من الصراع بين الحكومة والمجلس لتصل الى الشعب الذي قال كلمته واطاح بمجلس 2009 وازاح ناصر المحمد من منصبه.
والبعد التاريخي لمثل هذه الاخنتاقات كان من ثلاثينات القرن الماضي عندما استشهد محمد القطامي ومحمد المنيس لكي ينال الشعب الكويتي اول حقوقه. واستمر العبث الحكومي والسبب هو عدم قبولها للحياة الديمقراطية والنيابية, فاستمرت في غيها للخلاص من هذا المازق الذي وضعت نفسها فيه فاستخدمت كل الاساليب لفض عقد الديمقراطية من تزوير انتخابات 1967 وحل مجلسي 76 و 81 حلين غير دستوريين, وتعليق الحياة النيابية سنة 86, انتهاء بالمجلس الوطني عام 1990.
وبدات بوادر توالي الازمات تلوح في اوساط الشارع الكويتي من عام 2006 الى ان بدا الحراك الشبابي في عام 2009 ,وتلك التحركات قامت بعد ان ساد شعور بين ابناء الحراك بالفرقة والتعصب والعنصرية في المجتمع. وتقسيم المجتمع الى صفوف وطوائف وكل يدعي انه ملك من ملوك هذه الطوائف يقف بعضها ضد الاخر. وفي عام 2010 وقعت حادثة ادت لفت انتباه الشعب الى ما يدوىر حوله و هي حادثة ديوان الحربش حيث تم ضرب المواطنون وقمعهم تحت ذريعة منع التجمعات. الى ان وصلنا في عام 2011الى الحادثة الابرز في العمل البرلماني وهي قضية الايداعات والتحويلات المليونية, التي استنفرت الشعب بكل مقوماته وخاصة فئة الشباب الذي راى ما يسمى بما وطن النهار ينهار امامها, بسبب الفساد الذي نخر في السلطة النتفيذية. وقام الشباب بابداء رايه الرافض صراحة لهذا المجلس, وقام بالتحضير للعديد من الندوات, وشارك في المسيرات لحل مجلس 2009. هذه الحوادث ادت الى حل مجلس 2009 من قبل الشعب وارادته. ونزولا عند رغبة الشارع المشرع دعي الناخبون في فبراير 2012 لانتخاب مجلس نيابي جديد, لكن المدهش في الامر انه لم يمض على هذا المجلس الجديد اكثر من اربعة اشهر حتى حكمت المحكمة الدستورية ببطلان مجلس 2012 وعودة مجلس 2009المغضوب عليه من قبل الامه. ثم انه قد تم استفتاء المحكمة الدستورية بشان تعديل الدوائر فقضت (بعدم الاختصاص) ثم صدر مرسوم ضرورة يقضي بتعديل الية الية التصويت من قبل سمو الامير, ثم الدعوة الى الانتخابات في 1-12-2012 وفقا للنظام الانتخابي الجديد.
كل هذه الاحداث لا تؤدي الى الاحتفال بالدستور بل تؤدي الى فكرة اخرى, هي اقامة ماتم او عزاء لدستور دافع عن كرامة شعب وصان حقوقه لعقود من الزمن وضحى من اجله الاباء . رغم هذه السلبيات والاحباط التي ظهرت, الان انه بزغ فجر جديد اسمه شباب الكويت حملوا على عواتقهم الدفاع عن الدستور وكرامات المواطنين ومحاربة الفساد الناخر في جسد وطني. فتجدهم يدعون الى المظاهرات والمشاركة في المسيرات واقامة الندوات في جميع ارجاء وطني لا تثنيهم المغريات ولا سوء الاحوال الجوية ولا التضييق والتعنت والتعسف بل القمع الذي شاهدته بعيني اثناء مسيرات كرامة وطن وضرب المواطنين بالهراوات والقنابل الصوتية والدخانية والمسيلة للدموع من قبل وزارة الداخلية لفض المسيرات. هؤلاء الشباب بمختلف اطيافهم ومشاربهم هم ما يدعوني الى الاحتفال بذكرى الدستور وان اشكرهم واثني عليهم وادعو الله ان يحفظهم لاني على يقين ان للدستور شباب يحميه وسيظل دائما يحميه.