اعتصمت مجموعة من الأطباء والطبيبات أمام المستشفى الأميري في الاسبوع الماضي رافضين قرار النقل التعسفي الصادر بحق الدكتورة كفاية عبدالملك رئيسة وحدة العناية المركزة في المستشفى الأميري، وقد شهد الاعتصام حضورا رائعا من الاطباء والطبيبات بحيث ذُهلت السلطة و"شبيحتها" من تلك الوقفة للاطباء فبدأت حملة التشكيك بأطباء الكويت، فمنهم من قال هؤلاء ليسوا أطباء بل "جزارين" واخر قال "هاديّن المرضى ويتكسبون سياسيا" ولم يفوت وعاظ السلاطين الفرصة فتساءل احدهم "في اي دين يعتصم الطبيب ويترك المرضى ؟" مشككا بدين الاطباء، والكثير الكثير ..
كما خرجت اشاعة بأن الدكتورة كانت مخطئه بنقل والد النائب للجناح وأن العناية كانت شبه فاضية في ذلك الوقت ولذلك فإن قرار نقلها سليم وصحيح ولا يجب ان يتم الاعتراض عليه !
سأبدأ من حيث انتهيت، ولنفترض أن الدكتورة مخطئة ..
لا أعلم ان كان النائب او سأقول أهل المريض قدموا شكوى رسمية وسأفترض انهم فعلوا، أليس من المنطقي أن تحال الدكتورة للتحقيق بشكل رسمي بحيث نعرف جميعا الواقعه ام انه لا يوجد في الوزارة لجان تحقيق ؟
على مر السنوات الماضية سكت الأطباء عن حقوقهم وعن الظلم الواقع عليهم فكم من الأطباء ضُرب في عيادته ولم يؤخذ حقة ؟
كم من الأطباء ظُلم بتأخير ترقيته او تم تجاوز دورة في منصب معين من اجل عيون فلان وفلان ؟
لقد صمت الأطباء عن كل ذلك وأكثر بسبب القسم الذي ألزمهم بالعناية والاهتمام بصحة المرضى "أولا" !
ان الأطباء يعملون يوميا دون كلل ودون تذمر من أجل صحة المرضى وسلامتهم ومثل هذه الوظيفة الانسانية تحتاج لطول البال وتفهُّم لنفسية المريض وأهله وتقبل لردود افعالهم برحابة صدر !
قد يغفل البعض أن الطبيب في الكويت يعمل خارج أوقات الدوام الرسمي والخفارات دون راتب، فالمرور على المرضى في عطلة نهاية الأسبوع يعتبر عملا تطوعياً 100% يقوم به الأطباء من أجل عيون مرضاهم وبرا بقسمهم .. وهذه الحاله تنطبق على أيام الاعياد والعطل الرسمية التي لا يكون فيها خفارة رسمية، كذلك مرور أطباء الجراحة يوميا على مرضاهم مساء كل يوم خارج اوقات العمل الرسمي دون أي عائد مادي ..
كما قلت، لقد اختار الاطباء التزام الصمت ورعاية مرضاهم دون تذمر، ولكن ما حدث في الأسبوع الماضي تسبب في انفجار الأطباء .. فقد تعدى الأمر الظلم الشخصي للأطباء !
ما حدث هو تدخل مباشر بعملهم ونظرتهم في علاج مرضاهم، وعوائد هذا التدخل "ان سكتوا عليه" ستكون وخيمة على الجسد الطبي وعلى المرضى !!
فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن يفرض المسؤول "الادراي" على الطبيب طريقة علاجه للمرضى، أو أن يحدد من يستحق ومن لا يستحق الدخول للجناح أو العناية المركزة !
فما بالك لو كان هذا التدخل بسبب المحسوبية والواسطة ؟؟
لقد اقسم الاطباء على معالجة جميع المرضى دون تفرقة، فالطبيب لا يرى اسم هذا المريض او عائلته او لقبه ومنصبه، انما يرى امامه انسان بحاجة لعنايته .. فقط !
بالامس قال الأطباء "كفاية" ليس حباً بالدكتورة كفاية عبدالملك فقط .. انما برا بقسمهم وحفاضا على الجسد الطبي وصحة المرضى !
اعتصام الاطباء كان بعد انتهاء ساعات الدوام الرسمي ولم يشارك فيه اطباء الخفارة او أي طبيب لديه مسؤوليات مع مرضاه .. واستمرار الرفض لهذا القرار الجائر بل وضم قضايا كل من ظُلم من الاطباء مهم جدا، لذلك فالمسؤولية الملقاه على عاتق الاطباء كبيره وهم "قدها وقدود".
ملاحظة اخيرة:
غريب جدا موقف الجمعية الطبية، فلم نجد لها بخصوص هذه القضية سوى تصريح يتيم و"على استحياء"، بينما يجب أن يكون دورها اكبر من ذلك .. فهل الكادر المالي أهم ؟؟