تحلّ اليوم الذكرى السنوية السبعون لانطلاقة الثورة الجزائرية للخلاص من الاستعمار الفرنسي، عندما وجهت "جبهة التحرير الوطني الجزائرية" في مثل هذا اليوم الأول من نوفمبر من العام ١٩٥٤ نداءها التاريخي إلى الشعب الجزائري معلنة انطلاقة الثورة ضد الاستعمار ومن أجل نيل الجزائر حريتها واستقلالها الوطني، حيث قادت "جبهة التحرير الوطني الجزائرية" وذراعها العسكري "جيش التحرير الوطني الجزائري" كفاحاً وطنياً تحررياً مريراً شاركت فيه جموع الشعب الجزائري كافة في المدن والأرياف والجبال قدّم خلاله الجزائريون التضحيات الجسام وواجهوا آلة القمع الإمبريالية الفرنسية بكل بطشها وقسوتها، إلى أن أنجز الشعب الجزائري في الخامس من يوليو من العام ١٩٦٢ الاستقلال التام بقيام الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية.
ومثلما هو معروف فقد حظيت الثورة الجزائرية بدعم القوى التحررية في العالم، بما فيها الحزب الشيوعي الفرنسي، وتضامنت مع الثورة الجزائرية شعوب الأمة العربية، وضمنها شعبنا العربي الكويتي وقواه الوطنية، وكان هناك دور مشهود لمصر بقيادة جمال عبدالناصر في تقديم مختلف أشكال الإسناد والمساعدات العسكرية والمادية والسياسية والإعلامية الملموسة لثورة الشعب الجزائري.
ولطالما شَكلّت ثورة الجزائر ومقاومتها الباسلة ضد المستعمر مصدر إلهام لحركات التحرر والمقاومة في العالم أجمع، إذ جسدت الثورة بتضحيات الشعب الجزائري البطل وبنضالات المقاومين البواسل مآثر ملحمية كسرت المستعمرين وداعميهم ومرّغت أنوفهم المتعالية، وأثبت شعبنا الأبي في الجزائر خلال حرب التحرير أنّ الضعيف ومعه الحق قادر على أن يهزم المستعمر مهما بلغت سطوته وقوته، وأنّ الندية والإرادة الصلبة تكسر معادلات التكافؤ وتصنع المستحيل، وليس هوان الخضوع والاستسلام… كما رسخت الثورة الجزائرية المبادئ الثورية والتحررية في نفوس الجزائريين، وظل هذا النهج يقود الجزائر في مواقفها التي تبرز منها المواقف الداعمة والمساندة للشعوب في نيل حقها بتقرير مصيرها، وما جهود وعطاء الجزائر في دعم حقوق الشعب الفلسطيني وحركات التحرر في العالم إلا صورة من صور الروح الثورية التحررية الجزائرية.
واليوم، تأتي هذه الذكرى الملهمة في ظل ظروف استثنائية في مرحلة مفصلية من تاريخ المنطقة والعالم، تواجه فيها الأمة العربية حرباً ظالمة فرضها المحتل الصهيوني وداعميه الإمبرياليون وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأميركية، التي تزوّد آلة القتل والبطش الصهيونية بأسلحة الدمار وبالتغطية السياسية والدعم المادي في شراكة إجرامية بغيضة، وما يحصل في فلسطين ولبنان ليس إلا دليلاً كاشفاً للطبيعة العدوانية للكيان الصهيوني المزروع في منطقتنا العربية على أرض فلسطين كقاعدة إمبريالية متقدمة لتثبيت الهيمنة الغربية، ويمثّل مؤشراً فاضحاً لداعمي الكيان الغاصب والمتآمرين معه، ناهيك عن كشف المتواطئين والمتخاذلين.
وفي الختام فإننا نتوجّه بالتحية إلى الشعب الجزائري البطل في ذكرى ثورته المجيدة، متمنين له تحقيق أهدافه في تعزيز الاستقلال الوطني لبلاده والتنمية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، مقدرين الدعم الجزائري للشعبين في فلسطين ولبنان وللمقاومة الباسلة ومتطلعين إلى أن تقدّم الجزائر المزيد من التضامن والإسناد.