من حيث المبدأ لا حدود لقدرة الدولة على الاستدانة، طالما هناك من يقرضها من خارج الحكومة (أفراد ومؤسسات وشركات وحكومات أخرى) بفوائد معقولة، أو طالما لها القدرة على تمويل نفسها بطباعة مزيد من عملتها دون حدوث تضخم خطير في الأسعار.
الولايات المتحدة تتوسع بالقيام بالاثنين منذ ٢٠٠٨ ولا بوادر جدية على عدم القدرة على الاستمرار في ذلك، ودولة مثل اليابان نسبة ديونها تساوي نحو ضعف ديون أمريكا منذ سنوات وأوضاعها مستقرة، والتحذير من انخفاض قيمة الدولار وارد وقد حصل لكن انهيار القيمة مستبعد، وبالتالي يمكن التعامل مع تبعات رفع سقف الدين الأمريكي في الخليج.
إجراء رفع سقف الدين الأمريكي بحد ذاته مفترض أن يكون روتينيا، لكن حدة الخلاف السياسي جعلته يستخدم كوسيلة للي ذراع حكومة أوباما لتحقيق مكاسب للجمهوريين، وقد خضع أوباما لهذا التكتيك سابقا، لكنه يبدو أكثر تصلبا هذه المرة.
في حال فشلت الحكومة في رفع سقف الدين فقد يكون لذلك آثار سيئة جدا على الاقتصاد العالمي ككل، لأنه سيعني إعلان إفلاس حكومة أكبر اقتصاد عالمي وأكثر اقتصاد يحوز على الثقة، مع الانتباه أن سبب الإفلاس لن يكون اقتصاديا بحتا بقدر ما هو سياسي: فشل السياسيين الأمريكان في التوافق على إدارة الدولة اقتصاديا.
ويمكن أن نقول: فشل الحزبين اللذين يمثلان الطبقة المسيطرة في التوافق على إدارة الدولة، وذلك بضغط من أزمة الرأسمالية الأمريكية، ويضغط من الفئات الفقيرة التي تسوء أحوالها عاما بعد عام منذ ٢٠٠٨.
أما انعكاسات أزمة سقف الدين على الاقتصاد الأمريكي فهي غير معروفة النتائج بدقة لأنها حالة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، نظرا لحجم وأهمية الاقتصاد الأمريكي، بعض النتائج المتوقعة تشمل:
١. تسريحات كبيرة للعاملين في الحكومة، وبالتالي ارتفاع البطالة.
٢. تدهور في الحالة المعيشية للفئات الفقيرة نظرا لإيقاف برامج الرعاية الاجتماعية الحكومية.
٣. تدهور حالة الاقتصاد ككل في أمريكا، أي حتى القطاع الخاص، بسبب الخوف من المستقبل وعدم الاستثمار وإيثار الادخار.
٤. خروج رؤوس الأموال الخاصة خارج أمريكا، وبالتالي فقدان أمريكا لمركزها ضمن الاقتصادات الأكثر استقرارا في العالم.
٥. من حيث الاستراتيجية السياسية قد يؤدي ذلك لتقويض الهيمنة العسكرية والمالية الأمريكية في العالم بسبب عدم توفر الموارد الاقتصادية الكافية، كما حدث لبريطانيا بعد الحرب العالمية الثانية، أي عدم التمكن من تمويل المشروع السياسي الخارجي والاضطرار للتخلي عنه لتثبيت الاستقرار محليا.
والأرجح أن هناك تبعات أخرى كثيرة، يعتمد نوعها وسرعة حدوثها على اختيار الحكومة للقطاعات وأوجه الإنفاق التي ستقلصها أولا.
أثر أزمة سقف الدين الأمريكية على الكويت تحديداً:
مثلما هو معروف فإنّ حصة أمريكا من الصادرات النفطية الكويتية قليلة، أقل من ١٠٪، الأكثرية في شرق آسيا.
ربما الاستثمارات الكويتية في أمريكا وضعف الدولار هما طريقا التأثير الأساسيان، فمتوقع أن تقل قيمة الاستثمارات بسبب تدهور الوضع الاقتصادي العام (مثلا الانخفاض الكبير في أسعار الأسهم يعني انخفاض ثروة مالكي الأسهم ومنهم هيئة الاستثمار الكويتية)، وبالنسبة للعملة فمتوقع أن تتزعرع لكن ليس معروفاً لأي درجة.
عموما هاتان القضيتان ستتأثر بهما جميع الدول وليس الخليج فقط.