لم يعد خافياً على أحد أنّ السلطة مصرّة على المضي في نهجها غير الديمقراطي وتضييقها على الحريات العامة، وذلك بعد أن انفردت بتغيير النظام الانتخابي.
وقد أحالت الحكومة قبل أيام مشروع قانون الإعلام الموحّد إلى "مجلس الصوت الواحد" تمهيداً لإقراره، بما يؤدي إلى فرض المزيد من القيود الثقيلة على الحريات الديمقراطية، ويكفي إلقاء نظرة فاحصة على هذا المشروع المعيب لقانون الإعلام الموحّد لبيان ما ينطوي عليه من تضييق خطير على الحريات، وتحديداً حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الصحافة والنشر وحرية الحصول على المعلومات، وهذا ما نلمسه بوضوح في مواد هذا المشروع بقانون وأحكامه وتوجهاته غير الديمقراطية، وذلك كالتالي:
أولاً: توسيع نطاق التحكّم والوصاية وتقييد وسائل الإعلام، بما يتجاوز ما هو قائم في القانونين الحاليين للمطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع ليشمل مجالات النشر الإلكتروني على الانترنت، بما في ذلك المواقع الإلكترونية وشبكة التواصل الاجتماعي والمنتديات والمدونات وغرف المحادثة، ودور السينما، والحفلات العامة، والترجمة، ومراكز الدراسات والأبحاث، وخدمات الرسائل الإخبارية.
ثانياً: فرض المزيد من الشروط المقيّدة على حرية إصدار تراخيص الصحف والمجلات والمطابع والمحطات التلفزيونية والإذاعية، وذلك عبر مضاعفة رساميل الشركات الإعلامية في هذه المناشط، ومضاعفة الكفالات المالية الملزمة بتقديمها.
ثالثاً: استحداث مدد زمنية محددة للتراخيص الإعلامية تقع بين خمس سنوات إلى عشر سنوات، ما يتيح للحكومة إمكانية إلغاء هذه التراخيص بعد انقضاء المدة.
رابعاً: فرض الرقابة المسبقة على طباعة الكتب، التي سبق أن تمّ إلغاؤها في العام 1992.
خامساً: إخضاع المدونين والمغردين الأفراد ومستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت للقيود والعقوبات الواردة في مشروع القانون، وذلك مثلما هو واضح من البند (ب) من المادة 51 من الفصل التاسع المعنون "الإعلام الإلكتروني وضوابط استخدام وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من خلال شبكة الانترنت" التي تقضي بسريانه على: "وسائل اجتماعية وهي ما يطلق عليها (شبكة التواصل الاجتماعي) وتشمل المنتديات والمدونات وغرف المحادثة وغيرها من المواقع الشخصية"، مع تمكين وزارة الإعلام من وقف المواقع الإلكترونية وحجبها.
سادساً: تغليظ عقوبات السجن ومضاعفة مددها، وكذلك مضاعفة مبالغ الغرامات المالية الواردة في الفصل الرابع عشر من مشروع القانون والمعنون "المسائل المحظورة والعقوبات"، بالإضافة إلىتوسيع نطاق المسائل المحظور نشرها أو بثها، التي يقيّدها القانونان الحاليان للمطبوعات والنشر والإعلام المرئي والمسموع، حيث استحدث مشروع قانون الإعلام الموحّد على خلاف ما هو مقرر في الدستور تحصيناً لشخص ولي العهد وفَرَضَ عقوبة مشددة على التعرض له بالنقد، ناهيك عن إلغاء بعض المحددات للمسائل المحظورة.
إنّ "التيار التقدمي الكويتي" يرى أنّ مشروع قانون الإعلام الموحّد إنما هو مشروع قانون رجعي لا يتناسب إطلاقاً مع المعايير المعترف بها دولياً للحريات، حيث سيؤدي إلى المزيد من التضييق على حرية الإعلام، وسيكبّل حرية الرأي وحرية التعبير بقيود إضافية جديدة؛ وسيفرض وصاية سلطوية بغيضة على حرية الحصول على المعلومات، بما يتعارض مع الطبيعة المنفتحة للمجتمع الكويتي ويكرّس نزعة الاستبداد ونهج التسلّط ... ومن ثَمَّ، فإنّ "التيار التقدمي الكويتي" يدعو أبناء الشعب الكويتي ومختلف القوى السياسية والمجاميع الشبابية ومؤسسات المجتمع المدني وكل مواطن غيور على حقوقه الديمقراطية وحرياته إلى التصدي لمحاولة السلطة إقرار هذا المشروع المعيب للإعلام الموحّد.