جاء تأخر الإعلان عن التشكيل الحكومي الجديد بعد مرور أكثر من أربعين يوماً على إعادة تكليف رئيس مجلس الوزراء بتشكيل حكومته السابعة ليبرز جانباً من الأزمة التي تعانيها الكويت على مستوى الإدارة السياسية للدولة.
والمستغرب أن يتركز الاهتمام حول الاسماء الوزارية، خصوصاً التي استجدت في التشكيل الحكومي، وتجري إشاعة جو من التفاؤل غير المبرر حولها مع أن النهج الحكومي لم يطرأ عليه أي تغيير يستدعي مثل هذا التفاؤل.
ونحن في التيار التقدمي الكويتي بعيداً عن التركيز على تقييم الأشخاص يعنينا نهج الحكومة، الذي لا يزال على ما هو عليه في عدم استجابتها لمطلب تحقيق انفراجة تطوي صفحة الأزمة السياسية التي تخيم على الكويت منذ 2010، ومواصلتها سياسة التضييق على الحريات العامة عبر ترسانة من القوانين والاجراءات المتعارضة مع أبسط مبادئ الديمقراطية، وعرقلتها قانون العفو الشامل لقضايا الرأي والتجمعات، ومماطلتها في إلغاء القرارات الجائرة والانتقائية بسحب وإسقاط الجنسية لأسباب سياسية، وتمسكها بنظام الصوت الواحد المجزوء في الانتخابات الذي ثبت ضرره، وليس فقط فشله، وتبنيها سياسات اقتصادية اجتماعية متعارضة مع مصالح أوسع الفئات الشعبية ومنحازة لمصالح كبار الرأسماليين، وعدم جديتها في مكافحة الفساد وملاحقة المفسدين، وتدني كفاءتها وسوء إدارتها لشؤون الدولة الذي أدى لتراجع الكويت في العديد من المؤشرات الدولية في مجالات التعليم والصحة والتنمية.
ومادام الحال على ما هو عليه فإنه من الوهم إشاعة جو من التفاؤل بسبب تعيين هذا الوزير أو ذاك وخروج ذلك الوزير أو غيره من التشكيل الحكومي.
إن الكويت اليوم أحوج ما تكون إلى تغيير في النهج الحكومي على أساس الالتزام بالدستور وإطلاق الحريات العامة وتحقيق انفراجة سياسية بالعفو الشامل عن قضايا الرأي والتجمعات وتغيير النظام الانتخابي، واتباع سياسات اقتصادية اجتماعية عادلة، وحل مشكلات السكن والغلاء والبطالة وقضية الكويتيين البدون، ومكافحة الفساد وإصلاح الإدارة العامة للدولة، والتوجه الجاد نحو تبني رؤية تنموية...وفي السياق ذاته تقوية الجبهة الداخلية بالترابط مع سياسة خارجية وطنية متوازنة تحفظ الكويت واستقلالها وتتصدى للتحديات والضغوط الخارجية.