تابعت في الاسبوع الماضي مقابلة الاعلامي محمد الوشيحي مع النائب السابق وعضو الحركة الدستورية الاسلامية الدكتور جمعان الحربش في برنامج توك شوك، ورأيي بالدكتور جمعان الحربش أنه ليس من الاخوان النمطيين فقد اعتدنا منه قول رأيه بصراحه دون لف ودوران حتى ان كان لا يعجب المستمع "وأحياناً كثيره لا يعجبني"، ولا يمكنني "رغم اختلافي التام مع توجهه الفكري" أن أبخسه حقه، فشجاعة هذا الرجل ومواقفه في الحراك الشعبي مشهودة وبالكويتي "تسوى شنبات" المنادين بالحريات والدولة المدنية وهم في أحضان السلطة.
ولكنني في هذه المقابلة ومع اسئلة الوشيحي الجريئة لاحظت أن الدكتور جمعان استخدم الاسلوب التقليدي للأخوان، فبالرغم من شجاعته بالاعتراف أن "حدس" هي الذراع السياسي لتيار الاخوان المسلمين في الكويت، وأن هناك ذراعاً دعوياً اصلاحياً مثل جمعية الاصلاح وبعض اللجان الخيرية؛ ولم يكن ردة كبقية الإخوان التقليديين بأن حدس قريبة من فكر الاخوان أو متوافقه فكرياً مع الإخوان ولا تنتمي لهم،إلا أنه خلط بعض الأمور أحياناً و"نسي" بعضها في أحيان أخرى فكان رده "إخوانياً" نمطياً.
فعندما سأله الوشيحي عن جمعية الاصلاح وعدم حلها في فترة الانقلاب على الدستور رغم حل العديد من الجمعيات والأندية كنادي الاستقلال كان الرد: وهل يجب أن تُحل لنثبت أننا معارضة ؟
ثم عاد ليقول إن الحركة لم تكن في حالة خصومة دائمة مع السلطة، وهنا أعتب على د. جمعان...
فرغم تأكيده أن اكبر المصائب التي حصلت في البلد كانت أثناء فترات الانقلاب على الدستور، نسي الدكتور موقف جمعية الاصلاح بعد الانقلاب الأول على الدستور في 1976، فهي لم تشارك في التوقيع على بيان جمعيات النفع العام المعارض لتعطيل الدستور والحياة النيابية، وإنما شارك رئيسها في الوزارة التي تشكلت عقب الانقلاب ودعت الجمعية في عام 1977 لوضع دستور اسلامي وتعديل المادة الثانية من الدستور "المعطل".
مثل هذه الحقيقة التاريخيه لا يمكن اختصارها بالرد بأنهم لم يكونوا على خلاف دائم مع السلطة !
كما لم أستوعب الربط بين النظام في سوريا وما يفعله من جرائم باللادينية أو العلمانية فقد لاحظت تأكيد الدكتور على كلمة "هذه الأنظمة اللادينية" في أكثر من موضع يذكر فيه وحشية النظام السوري، فهل يريد الدكتور أن يوصل للمستمع أن النظام العلماني سوف يكون نظاماً اجرامياً؟
فالنظام في دول مثل السويد والدنمارك والنرويج علماني "لا ديني" وهي أكثر الدول احتراماً لحقوق الانسان وكرامته وأقلها نسبة في مؤشرات الفساد، وبما أن الاخوان يتغنون يومياً بأردوغان، فلا بأس من تذكيرهم أن تركيا بلد علماني "لا ديني" وزعيمهم اردوغان صرح في أكثر من مرة بأن النظام العلماني هو الأصلح !
أما عند سؤاله عن انتهازية الإخوان وكيف أنهم جلسوا على طاولة واحدة مع عمر سليمان للتفاوض أثناء ثورة يناير، فكان الرد حرفياً: (لا أريد أن أذهب باتجاه التبرير لمواقفهم فأنا لم اطلع على "دقة" هالمواقف و"حقيقتها" و آخر ناس يتكلمون حول التحالف مع الانظمة هم ”العلمانيين" الذين هم تحت حذاء العسكر)، فالدكتور لم يطلّع على مدى دقة هذه المواقف وليس متأكداً من حقيقتها "رغم نشرها في وسائل الاعلام حينها" ولكنه استطاع أن يجمع كل "العلمانيين" بأطيافهم المتنوعة وتوجهاتهم الفكرية المختلفة وأحزابهم المتصارعة تحت حذاء العسكر !
مثل هذه الأجوبة من الدكتور جمعان – وهو المعروف بصراحته ووضوحه – جعلتني اتحسس من بعض الأمور التي ذكرها في تلك المقابلة، كالتلميح بامكانية طرحهم كقوى إسلامية لمشروع آخر بعد الاتفاق على مشروع المعارضة بحيث يكون نحو أسلمة الدولة والكثير من الأمور التي سبقني بطرحها الأستاذ العزيز وليد الرجيب في مقاله "هل الاخوان مع المعارضة ..أم ضدها؟"، خصوصاً أن اغلب القوى السياسية المعارضة تسامت على خلافاتها الفكرية وتعاونت من أجل إقرار مشروع ينتقل بالكويت الى نظام ديمقراطي مكتمل الأركان يكون طريقاً نحو إصلاح ما أفسدته السلطة.