أرسل لي أحد الأصدقاء المهتمين بالشؤون الاقتصادية والتنموية خبراً مفاده تأسيس مركز الخليج لسياسات التنمية، وهو مركز مستقل غرضه دراسة سياسات ومؤسسات وأداء مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بهدف المساهمة في تحقيق تطلعات شعوب المنطقة المتمثلة في الديموقراطية والوحدة والتنمية.وستصدر أولى دراسات المركز الاستراتيجية في 9 يونيو 2013م الذي يحمل عنوان «الخليج 2013 الثابت والمتحول»، هذا المركز الذي بشر به الصديق المهتم بالشأن الاقتصادي أجده مهماً وضرورياً لدراسات التنمية في دول الخليج كون الباحثين فيه من دول الخليج ذاتها، حيث سيساهم في الاصدار الأول عشرون باحثاً من دول الخليج، يرصدون التطورات وتقييمهم لها من منظور متطلبات بناء الدولة الحديثة، عبر تحليل الاختلالات المزمنة في المنطقة مثل الخلل السكاني والاقتصادي والسياسي والأمني على مدى العامين الماضيين.وقال رئيس مجلس أمناء مركز الخليج لسياسات التنمية الدكتور علي الكواري: «تعوق عملية بناء الدولة الحديثة عوامل تتواجد في كل أقطار مجلس التعاون بلا استثناء، فمن غير المعقول استمرار النفط والغاز احتلال ما نسبته 80 في المئة من إيرادات ميزانية هذه الدول بعد أكثر من ثلاثين عاماً على اكتشافهما، كما لا توجد في أي دولة في العالم يشكل فيه الوافدون فيه أكثر من 80 في المئة من مجموع سكانه.كما أكد مدير مركز الخليج لسياسات التنمية الدكتور عمر الشهابي أن الإصدار الأول للمركز يخصص ملفات مطولة تتطرق إلى حالة معينة من الخلل ويركز على تحليله بشكل أكثر عمقاً، وأضاف الشهابي أن هذا الإصدار سيناقش في قسم خاص منه الدساتير في دول مجلس التعاون، وكذلك العمل النقابي والحقوق المدنية وإيرادات النفط وأوجه إنفاقها والمشاريع العقارية وتبعاتها في الجزء المخصص للخلل السكاني، وما تطورات الاحتجاجات السياسية في كل من البحرين والكويت وعمان.وأجد أن هذا المركز في غاية الأهمية، فنحن أحوج ما نكون إلى دراسات علمية موضوعية واستراتيجية على أيدي باحثين من أبناء دول الخليج، فقد اعتدنا سابقاً على تلقي دراسات استراتيجية حول دولنا من مراكز ومؤسسات دولية، حيث يعتبر الباحثون الخليجيون أقرب إلى الواقع الخليجي من الباحث الخارجي مهما حاول أن تكون رؤيته موضوعية مبنية على معلومات يستقيها من الأوراق والمعلومات والإحصائيات من بعيد.ويشي الانطباع الأول عن أن الدراسات التنموية والاستراتيجية التي ستخرج عن مركز الخليج لسياسات التنمية، ستكون موضوعية في مناقشة قضايانا في دول الخليج، ونتمنى ألا يكون هناك تأثير سياسي على اتجاهات أبحاثه ودراساته من حكومات دولنا، فدولنا ومجتمعاتنا تعاني من اختلالات قديمة وجدية في مجالات التنمية تجعلها متأخرة عن الدول والمجتمعات المتقدمة، التي وجدت حلولاً علمية واستراتيجية لمشكلاتها الرئيسية وآفاق التنمية والتطور فيها جعلت الإنسان أكثر سعادة، رغم أن دولنا مجتمعة أو كل واحدة منها على حدة تملك من الإمكانيات والموارد المالية الهائلة، وتملك العقول التي قد تضاهي ما يوجد في الدول الأخرى وستكون مخلصة لقضايا مجتمعاتها، ونتطلع إلى أن هذه الأبحاث والدراسات الجادة، ستسهم في تطور بلداننا ومجتمعاتنا على شرط أن تعتمدها وتستفيد منها حكومات دول الخليج بدلاً من الخطط التنموية ذات الصدى الإعلامي الرنان لكنها غير فاعلة أو مؤثرة على تطور مجتمعاتنا وإنساننا الخليجي.