July 2024
14

رد الحركة التقدمية الكويتية على كلمة وزير المالية

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

ما طرحه وزير المالية ووزير الدولة للشؤون الاقتصادية د. أنور المضف في كلمته الافتتاحية بملتقى الميزانية الأول المنعقد اليوم إنما هو تكرار ممجوج لما اعتاد المواطن الكويتي سماعه من وزراء المالية المتعاقبين طوال ربع القرن الأخير، الذين  يحاولون إلقاء عبء المسؤولية عن العجز في الميزانية العامة وتآكل الاحتياطي المالي العام للدولة على كاهل الطبقات والفئات الشعبية، وتجاهل حقيقة أنّ هذا العجز وتآكل الاحتياطي إنما هما بالأساس ناجمان عن النهج الاقتصادي الحكومي الفاشل، وعن السياسات الاقتصادية الحكومية المنحازة لصالح قلّة من كبار الرأسماليين الطفيليين، وعن عدم جدية الحكومات المتعاقبة في مكافحة الفساد والحدّ من الهدر ووقف المبالغة في تسعير المناقصات والعقود الحكومية.

وفي هذا السياق فقد كرر وزير المالية دعوات وزراء المالية المتعاقبين لخفض الإنفاق الاجتماعي الضروري وفرض المزيد من الأعباء المعيشية على عموم المواطنين والسكان عبر تخفيض الدعوم وزيادة الرسوم على الخدمات والمساس بالمكتسبات الاجتماعية الشعبية... بينما نجده مثلهم في المقابل يتجاهل ضرورة تغيير النهج الاقتصادي الفاشل، ويقفز على استحقاق تصحيح السياسات الاقتصادية المنحازة لصالح القلّة، ويلتفت جانباً عن أهمية تبني توجه تنموي بديل يستهدف الانتقال من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المنتج.

وعندما نتوقف بالتفصيل أمام بعض ما طرحه وزير المالية في كلمته الأخيرة، نجده في البدء يتحدث عن عجز الميزانية العامة للدولة وتآكل الاحتياطي من دون أن يشير إلى ما تحقق في سنوات مالية ماضية من فوائض وما نجم عنها من تنامي في قيمة الصندوق السيادي المتمثّل بصندوق احتياطي الأجيال القادمة، ناهيك عن عدم إشارته إلى المبالغة المتعمدة في تقدير سعر برميل النفط المعادل عند احتساب إيرادات الميزانية.

أما حديث وزير المالية عن الدعوم فنحن لسنا ضد ما يسمى ترشيد الدعوم، ولكننا ننبهه إلى أنّ كل ماسبق نشره من دراسات وتوصيات حكومية سابقة بشأن خفض الدعوم إنما كانت موجهة ضد دعم المواد التموينية الرئيسية، ودعم الطاقة والوقود، والصحة، والإسكان، والتعليم الذي يشمل بعثات الطلبة ومكافآتهم الشهرية، والدعم الاجتماعي الذي يشمل منح الزواج للمواطنين ورعاية ذوي الإعاقة وإعانات بيت الزكاة... وهذا يعني باختصار أنّ خفض الدعوم أو إلغاء بعضها سينعكس بالضرورة سلباً على مستوى المعيشة العام للطبقة العاملة والفئات الشعبية والطبقة الوسطى، خصوصاً العمال وصغار الموظفين والمتقاعدين والفئات المهمّشة اجتماعياً.

ونحن في الحركة التقدمية الكويتية من موقعنا كمعارضة وطنية مسؤولة نرفض هذا التوجه لخفض الدعوم أو إلغاء بعضها، ونراه توجهاً متعارضاً مع مصالح الغالبية الساحقة من الناس.

وغير هذا فقد أشار وزير المالية إلى إعادة تسعير الخدمات المقدمة من الجهات الحكومية وإعادة تسعير إيجارات أملاك الدولة العقارية، ونحن هنا ندعو إلى التفريق بين الجانبين، إذ أنّ إعادة تسعير الخدمات المقدمة من الجهات الحكومية يعني زيادة أسعار الرسوم والخدمات التي يستفيد منها غالبية المواطنين والسكان، بينما نحن في المقابل نؤيد التوجه نحو إعادة تسعير إيجارات أملاك الدولة العقارية التي تستفيد منها مجاميع محددة، وبالأساس فقد سبق لنا في الحركة التقدمية الكويتية أن طالبنا بتغيير نظام تأجير أملاك الدولة في القسائم الصناعية والخدمية التي جرى تقسيمها وإعادة تأجيرها بحيث تكون القيمة الايجارية المدفوعة للدولة مرتبطة بنسبة جدية من القيمة الايجارية، وزيادة ايجارات الشاليهات بما يتناسب مع قيمتها السوقية والايجارية.

وبشأن ما طرحه وزير المالية عن التوظيف، فنحن نطالب الحكومة بالتركيز على ضرورة قيام القطاع الخاص بأداء مسؤولياته الاجتماعية المستحقة في توفير فرص عمل كريمة وحقيقية للشباب الكويتي، وزيادة نسب العمالة الوطنية في مختلف مجالات القطاع الخاص.

كما أننا نكرر دعوتنا إلى ضرورة مساهمة القطاع الخاص في تمويل الخزينة العامة للدولة من خلال فرض ضريبة على أرباح الشركات، وفرض ضريبة تصاعدية على الأثرياء، مع إعفاء ذوي الدخول المتدنية والمتوسطة من الضرائب.

والأهم من ذلك كله هو تغيير النهج الاقتصادي المتبع وتبني خط تنموي بديل للانتقال من الاقتصاد الريعي الكمبرادوري التابع والمأزوم والتوجّه نحو الاقتصاد الوطني المنتج، مع مراعاة اعتبارات العدالة الاجتماعية

الكويت في ١٤ يوليو ٢٠٢٤