تعقد بعد يومين جلسة طرح الثقة بوزيري النفط والشؤون، وذلك بعد جلسة ماراثونية شهدث ثلاثة استجوابات، وانتهت بتقديم النواب لطلبي طرح الثقة بالوزيرين.استطاع رئيس الوزراء أن يجتاز الاستجواب «السري» من دون أن يتمكن النائب المستجوب من تجميع العدد اللازم لتقديم طلب عدم التعاون. أما في الاستجوابين الآخرين، فعلى الرغم من دسامة محتوى استجواب وزير النفط، وكشف النواب للعديد من التجاوزات والهدر في المال العام، وتمكنهم من جمع العدد اللازم لتقديم طلب طرح الثقة، إلا أنني أعتقد بأن الوزير سيجتاز تلك الجلسة، فالنواب لم يستثمروا ما لديهم من أدلة لكسب الرأي العام للضغط على بقية النواب، بل اكتفوا بما طرح في جلسة الاستجواب.كما أن الاستقطاب القبلي الذي برز بشكل كبير في تلك الجلسة سيتسبب بالضرورة بعدم اكتمال العدد المطلوب لطرح الثقة بالوزير، وهذا ما ينسحب كذلك على استجواب وزيرة الشؤون، التي ربما تجتاز جلسة طرح الثقة بسبب الانقسام والتعصب الطائفي وعدم كسب الرأي العام.ستأتي جلسة طرح الثقة بعد يومين، وقد تجتاز الحكومة تلك الجلسة بنجاح، ولكن السؤال الأهم؛ ماذا بعد الاستجوابات؟ فالقضايا التي ادرجت في محاور استجواب رئيس الوزراء ليست بالقضايا الهامشية، كقضية سحب الجناسي وقضية البدون والتراجع الكبير في مؤشرات مدركات الفساد. ولا أعلم حقيقة ما هي الردود السحرية التي أعطاها سمو الرئيس للنواب في تلك الجلسة السرية ليتمكن من اقناعهم بعدم التوقيع على كتاب عدم التعاون، لكن يبدو لي أن عدم التوقيع كان خوفاً من حل المجلس وليس قناعة بردود سموه، وإلا لكانت مناقشة محاور الاستجواب في جلسة علنية. اما بالنسبة للوزيرين الاخرين فيبدو أن المحاصصة واللعب على وتر التعصب القبلي والطائفي ما زال ناجحاً في انقاذ الحكومة من الاستجوابات.اعتقد انه حتى وإن اجتاز الوزيران جلسة طرح الثقة بنجاح، فستبقى الحكومة غير قادرة على حل تلك الملفات العالقة وستستمر بالتخبط، فهي لا تزال مستمرة على نفس الفكر ونفس النهج المتمثل بالعمل من أجل البقاء فقط وليس من أجل الانجاز، وبالتأكيد ستصل لمرحلة لا تستطيع فيها مساومة النواب على موضوع حل المجلس، خصوصاً مع اقتراب نهاية الفصل التشريعي، تلك الفترة التي عادة ما تشهد تصعيداً نيابياً لكسب الرأي العام من أجل الانتخابات.على الحكومة أن تفهم أن المشكلة ليست في الأشخاص، فقد مر العديد من الوزراء الجيدين على الحكومات المتعاقبة، لكن المشكلة هي أن الحكومة لا تقوم بعملها بادارة شؤون الدولة بشكل صحيح، بل انها لا تقوم بدورها الطبيعي بالعمل من أجل تحقيق مصالح الشعب، وإنما نجدها تعمل من أجل مصلحة فئة بسيطة جداً من المتنفذين، فأغلب الحكومات التي استقالت وأغلب المجالس التي حلت كان السبب وراء حلها هو انقاذ وزير من الاستجواب، بينما لو عملت الحكومة على اصلاح الخلل في مؤسساتها ومحاربة الفساد، لما احتاجت لكل تلك الاستقالات وحل المجالس، ولما احتاج النواب للاستجوابات من الاساس.في النهاية، سواء اجتازت الحكومة الاستجوابات أم لم تجتزها، الأهم هو معالجة ما جاء في محاور تلك الاستجوابات وحل القضايا العالقة، فطرح الثقة لوحده لن يفيدنا بشيء، ما دامت المشاكل المطروحة في محاور الاستجوابات مستمرة من دون حل، فنحن نريد العنب لا رأس الناطور.بقلم الدكتور حمد الأنصاريجريدة الراي الكويتية٨ مايو ٢٠١٨