كيف استطاعت شرذمة من العصابات الإرهابية؟ احتلال هذه المناطق الشاسعة في كل من العراق وسورية وهزيمة جيشي البلدين؟ وكيف استطاعت العصابات إشاعة الخوف والقلق في قلوب أبناء شعوبنا العربية؟ فالخوف ينتابنا على أبنائنا وأهلنا، والقلق يزداد بداخلنا على مستقبل بلدنا والبلدان العربية.
لقد انضم لهذه العصابات الإرهابية آلاف من الشباب والشابات العرب والأجانب، ومنهم خليجيون وكويتيون، فهل يعقل أن الحكومة كانت غافلة عن هذا السرطان الذي انتشر في جسد المجتمع؟ ولماذا لم تستمع الحكومة إلى صوت العقل، عندما طالب المخلصون بتنقية المناهج التعليمية، من تفسيرات التشدد والتطرف لآيات القرآن الكريم؟ وعندما حذرها الجميع بأن الغلو بدأ يسيطر على وسائل الإعلام، وداخل مجلس الأمة بدلاً من سيطرة العقل والثقافة، حتى أصبح التحريم بيد صبية صغار لم يعرفوا من الدين جوهره وحقيقة تسامحه.
لكن هذه العصابات الإجرامية لم تتوقع هذا التلاحم بين أبناء شعبنا، بل توقعت أنها استطاعت زرع الفرقة الطائفية ومشاعر الكراهية بيننا، فقد كان رد الفعل الشعبي رائعاً على محاولات التأجيج الطائفي، فحجم المعزّين لأهالي شهدائنا سواء في المقبرة أو في المسجد الكبير كان هائلاً ومن جميع مكونات المجتمع، و شكل ذلك صفعة ولطمة للوجوه القبيحة، التي قد لا يعلم بعضها أنها أداة تخدم المخططات الأميركية والصهيونية، التي صنعت هذه الجماعات ورعتها ودربتها وغذتها، وأعطتها كل المعلومات اللوجستية التي تخدمها لبسط سيطرتها على أراضينا.
ثم لماذا استهانت الحكومة بتحذيراتنا المتكررة، حول الخطر الماحق والمصير المرعب الذي ينتظر أبناءنا جراء تجاهل وتهاون الحكومة، ونحن نظن أنه نتيجة تهاون حكوماتنا، لا يستبعد أن تمتلك داعش أسلحة دمار شامل، وهنا الكارثة الكبرى.
الكل يدّعي الوسطية ولكنه يؤيد التشدد ودولة الخلافة والجري وراء حلم واهم، فلا يمكن إدارة دولة في عصرنا الحديث على طريقة البغدادي، أي بقطع الرؤوس وسبي النساء، دولنا تحتاج إلى قوانين مدنية وحريات، يسود فيها القانون وتحترم مؤسسات المجتمع المدني، ومن دون تحقيق هذا الأمر الذي يصبو إليه الشعب، فإن القلة المتطرفة ذات الصوت العالي في مجتمعنا هي التي ستسود ويسود منطقها المتخلف.
لم تعد الإدانة والشجب والتهديد بالضرب بيد من حديد كافية لردع الأفكار المتطرفة، يجب اتخاذ إجراءات عملية تقتلع هذه الأفكار الشاذة من جذورها، كما يجب العودة إلى الشعب مصدر السلطات جميعاً واطلاق الحريات الخاصة والعامة، فالشعب هو الحامي الحقيقي للوطن كما فعل أيام كارثة الغزو والاحتلال.جريدة الراي الكويتية ۱ تموز / يوليو ٢۰۱٥