حلمت، خير اللهم اجعله خير، أني قد أسّست مشروعا تجاريا صغيرا عبارة عن تصنيع وتصدير الحلوى للبحرين! المشروع حقّق نجاحا ساحقا دفع البحرين للاحتجاج في مجلس التعاون ضد قيامي بإغراق سوق المحرّق بالحلوى الرخيصة واختراق بند التكامل الاقتصادي بين دول المجلس حتى أصبحت صناعة الحلوى البحرينية تواجه إنقراضا حتميا مشابها لما واجهته تجارة اللؤلؤ الطبيعي بعد استيراد اللؤلؤ الصناعي من اليابان في ثلاثينيات القرن الماضي. كما تواترت بعض الأنباء عن استياء كارتيل الحلوى البحرينية القوي المكون من عائلتي آل شويطر وآل حلواجي وعزمهم على حماية مصالحهم بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.
لهذا، وحفاظا على علاقتنا التاريخية بأهلنا بالبحرين وحرصا على وحدة مجلس التعاون، قررت إغلاق مشروعي الناجح.
عشيّة قراري هذا، أصدر مجلس الوزراء الكويتي بيانا مفاجئا ومقتضبا يرفض فيه قراري المنفرد الذي، حسب البيان، لم يراع المصلحة العليا للدولة. ثم تلقّيت دعوة عاجلة لمقابلة رئيس الحكومة!
دلفتُ إلى مكتبه واستقبلني في منتصف المسافة بابتسامة واسعة وحضن"دفيان". بعد الترحيب والمجاملات المعتادة. قال: شسم الولد الله يحفظه؟ قلت: محمد. قال: بومحمد..المشاريع الصغيرة أصبحت مهمة جدا، ومصنعك انت بالذات أصبح من روافد اقتصادنا الوطني. ولهذا رفضنا قرارك بإغلاقه ونطالبك بـ.. قاطعته وقلت: مشروعي صار يرفد الاقتصاد الوطني يا طويل العمر؟! أخاف غلطان! ترى ما عندي مصنع. مشروعي عبارة عن مطبخ كيربي فوق سطح بيتي وتديره"مبروكة". قال: أي مبروكة؟ قلت: شغّالتي الأثيوبية، وللعلم ترى مشروعي صنع حلوى وليس صنع قطع غيار محركات نفّاثة . قال: لا تستهين بالحلوى وتأثيرها. الشعب يحتاج الحلوى. قلت: ماري انطوانيت انت؟ عصّب رئيس الوزراء وقال: الحين واقف إلى جانبك وأدعمك وانت تتطنز؟ قلت: مادري عنك، حلوى مبروكة صارت عصب اقتصاد الدولة؟!.. وبعدين ترى انت ما دعمتني بشيء. أنا أقمت مشروعي بفلوسي، جبت عامل أفغاني سوى لي مطبخ كيربي 3X3 فوق السطح ووفّرت لمبروكة فرن بو 4 عيون مستعمل من الحراج وزيت ونشا وهيل مطحون وزعفران وسلّة مكسّرات إيرانية وقدر طبخ ذبايح وملّاس كان لأمي جعلها في الجنة. وبعدين دام الأمر يتعلق بالمصلحة الوطنية، مثل ما تقول، فالوضع أصبح خطير واحتمال هناك مؤامرة تُحاك لتركيع الأمّة تقف وراءها أثيوبيا التي تحاول السيطرة على النيل من جهة، ومبروكة التي تحاول السيطرة على اقتصادنا الوطني من جهة أخرى. اشبقى لنا يا طويل العمر؟ التقط رئيس الوزراء نبرة السخرية في كلامي، فهب واقفا وقال: قررنا ما هو آت: نظرا لما تقتضيه المصلحة العليا للدولة فقد أمرنا بمنعك من إغلاق مشروع الحلوى. واستمرار الإنتاج وزيادة التصدير إلى أسواق البحرين وسأكلّف الوزراء المعنيين بتنفيذ أمرنا هذا. قلت: أشوف صرنا مثل الصين!! وين كلامكم في دافوس عن التجارة الحرة وآليات السوق؟ ووين"دعه يعمل دعه يمر"؟ قال: جاك العلم. قلت: زين صارحني بس.. أنا حاس إن فيه شيء صاير بينكم وبين عيال عمكم آل خليفة وتبون تستغلون مبروكة وتستغلوني في ضربهم اقتصاديا. افتح لي قلبك وانا مستعد أتدخّل وأتوسط بينكم ونحل الموضوع ودّي وبدون ما يحس أحد. قال: أبدا، ما فيه إلّا كل خير بس الموضوع مصلحة وطنية بحتة. قلت: أنا مع المصلحة الوطنية لكن اشلون على مصلحتي أنا؟ أنا بصراحة خايف على نفسي وعلى عائلتي وعلى مبروكة لأني سامع ان آل شويطر وآل حلواجي بالبحرين كلّفوا قاتل مأجور من صقلية تابع لمافيا(كوزا نوسترا) لتصفيتي واختطاف مبروكة. قال: اعتبر نفسك وعائلتك ومبروكة تحت حماية الدولة من هذي اللحظة. قلت: لا حووووول، خلّك رئيس وزراء منفتح واسمعني.. عندي لك عرض لا يمكنك رفضه: اشرايك أتنازل عن مبروكة لكم وأحوّل إقامتها عليكم وأنا بنفسي أفكّك مطبخي وأنقله على حسابي بوانيت لأي قصر من قصوركم. طيعني وقول تم. ترى والله مبروكة أحسن لكم من فضايح صندوق الجيش والصندوق الماليزي ورشاوي النائب البنغالي.