جاءنا البيان التالي عن التطورات الراهنة في البحرين من الأشقاء في المنبر التقدمي في مملكة البحرين:
عقد المكتب السياسي للمنبر التقدمي اجتماعاً خصصه لمناقشة التطورات السياسية العاصفة التي يشهدها وطننا هذه الأيام، من أوجهها المختلفة، والاحتمالات الممكنة لمجرى الأمور في الفترة القريبة القادمة.
واستعرض المكتب السياسي مواقف المنبر، سواء تلك التي عبر عنها منفرداً، أو في إطار المواقف المشتركة المعلنة للجمعيات السياسية الأخرى، والاتصالات التي أجراها مع الأطراف والشخصيات المختلفة في البلاد، على ضوء ما خلصت إليه اللجنة المركزية في اجتماعها الاستثنائي مؤخراً، بخصوص تحديد موقف "التقدمي"، من التطورات الجارية. وفي هذا المجال يؤكد المكتب السياسي للمنبر التقدمي على القضايا التالية:
- انطلق التقدمي في تعاطيه مع الوضع الناشىء في البلاد منذ الرابع عشر من فبراير/ شباط الماضي من ضرورة الدفع بمطالب الإصلاح السياسي والدستوري في البحرين إلى موقع الصدارة، باتجاه استيفاء شروط الملكية الدستورية التي نص عليها ميثاق العمل الوطني، ليس فقط استجابة لمطالب التحرك الراهن، وإنما استجابة لما ناضلت من أجله قوى المعارضة في البلاد، ومن ضمنها المنبر التقدمي، وطالبت به خلال السنوات الماضية، باعتبار أن دستور 2002 أخلّ بما نص عليه الميثاق من فصل للسلطات، وشكّل، في الكثير من جوانبه، تراجعاً عن دستور 1973.
ولذلك انخرط أعضاء المنبر التقدمي في هذا التحرك الشعبي، وساهموا بجهودهم وطاقاتهم في فعالياته، مؤكدين دائماً على الشعارات الوطنية الجامعة لتطلعات كل الشعب، ومحذرين من أي توجيه طائفي أو مذهبي لهذا التحرك أو شعاراته، كما دعوا دائماً إلى التمسك بسلمية التحرك، والحذر من محاولات جره إلى الصدام.
وكانت أجهزة الأمن هي من استخدم القوة منذ اليوم الأول للتحرك حيث سقط خلال أقل من أربع وعشرين ساعة شهيدان من أبناء الشعب، ليرتفع العدد إلى سبعة شهداء بعد الاقتحام الغادر لدوار اللؤلؤة فجر الخميس الدامي، الذي أوقع خمسة شهداء وعشرات الجرحى، دونما مبرر، سوى الرغبة في إرهاب الشعب والانتقام من المعتصمين.
وقد أدى سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والمصابين إلى دفع الأمور في البلاد نحو منعطف خطر، كان بالإمكان تفاديه، لو أن الدولة غلبت منطق الحوار منذ البداية وأصغت إلى المطالبات السلمية المشروعة للمحتجين وللقوى السياسية المطالبة بالإصلاحات.
ولولا الإرادة االشجاعة التي أظهرها الشباب في مواجهة عنف قوات الأمن والجيش وحجم الضغوط الدولية التي مورست على البحرين لما أمكن لجم التوجه لاستخدام القوة في التعامل مع الاحتجاجات الشعبية، التي تطورت بعودة المحتجين ثانية إلى دوار اللؤلؤة، ومواصلة الاعتصام فيه حتى اليوم.
- وأمام ذلك جاءت دعوة سمو ولي العهد إلى إطلاق عملية حوار وطني بغية الخروج من الأزمة السياسية الناشئة، وقد دعت الجمعيات السياسية، ومن ضمنها المنبر التقدمي، إلى تهيئة أجواء هذا الحوار، ومن بينها سحب وحدات الجيش من العاصمة وإطلاق سراح جميع المعتقلين والمحكومين في قضايا الرأي، والتعهد بعدم استخدام العنف ضد المحتجين، والإقدام على تدابير ثقة باستقالة الحكومة الحالية، باعتبارها مسؤولة عن الطريقة الخاطئة التي أديرت بها الأمور في البلاد خلال أكثر من أربعة عقود، وتشكيل حكومة انتقالية لإدارة عملية الخروج من الأزمة الراهنة. ويرى المنبر التقدمي انه لا بد من الإسراع في ذلك، لولوج عملية سياسية تؤدي إلى تسوية تاريخية قابلة للبقاء ومبنية على قواعد الملكية الدستورية، وما يقتضيه ذلك من إصلاح دستوري شامل.
- ويعبر المنبر التقدمي عن القلق الشديد من مخاطر الانزلاق للفتنة الطائفية وسيلة للهروب من استحقاقات الإصلاح، عبر الاستمرار في التحشيد الطائفي سواء جاء من قبل الدولة أو من قبل قوى مجتمعية بصرف النظر عن الفئة أو الطائفة التي تأتي منها.
وهانحن شهود على توترات ومشادات طائفية وصلت إلى المدارس والمؤسسات التعليمية، بطريقة تسيء إلى الرسالة التربوية التي يجب أن تنبني على روح المواطنة، كما تسود خطابات تحرض على الفتنة والكراهية، بما يهدد النسيج الوطني للمجتمع.
وفي هذا المجال فان المنبر التقدمي يدعو كافة القوى، وخاصة منها القوى المشاركة في الاحتجاجات، إلى الابتعاد عن أي طرح أو شعار يمكن أن يشم منه النفس المذهبي أو الطائفي، والتركيز على المشتركات الوطنية ومطالب الإصلاح السياسي والدستوري، والالتزام بسلمية التحركات وعدم الدفع بها إلى مسارات ليست محل اتفاق من جميع قوى المعارضة.
- في ظروف البحرين الملموسة فإن شرط نجاح أي تحرك للمطالبة بالحقوق هي وطنية هذا التحرك، أي شموليته في التعبير عن كافة مكونات الشعب، ومن شأن التخندق الطائفي أن يخنق أي تحرك ويسيء إلى أهدافه وشعاراته، وبالتالي إخفاقه في بلوغ ما يطالب به من إصلاح.
وهذا هو المنهج الذي يطالب به المنبر التقدمي ويدعو أعضائه وأصدقائه وكافة القوى والشخصيات الوطنية التمسك به والتعبير عنه بمنتهى الوضوح، حماية للمطالبات الشعبية من مخاطر الانزلاق الطائفي، ومن أجل الوفاء لدماء الشهداء والمصابين، بألا تذهب التضحيات التي قدموها سدى.
- ان المنبر التقدمي انطلاقاً من قناعته بخطورة ودقة المرحلة التي يمر بها وطننا، ووفاء لتاريخ مناضليه ومناصريه، وادراكاً منه لأهمية أن تشكل اللحظة التاريخية لوطننا منعطفاً باتجاه الإصلاح الحقيقي والوحدة الوطنية، يتمسك بالدعوة التي سبق أن أطلقها في بداية الأحداث حول ضرورة تداعي الفعاليات الوطنية والاجتماعية في الطائفتين الكريمتين إلى بناء جسور التواصل والتفاعل بين أبناء الشعب، وتشكيل هيئة وطنية مشتركة على غرار هيئة الاتحاد الوطني تتفق على برنامج واضح للإصلاحات السياسية والدستورية وتعزيز مبادئ المواطنة المتكافئة والعيش المشترك، والعبور بالوطن إلى بر الأمان.
المنبر التقدمي