بعيداً عن لعبة بعض الاستجوابات النيابية السمجة ودوافعها وصلتها بالخلافات البينية داخل أطراف السلطة والحلف الطبقي المسيطر، فإن ما يعنينا هو التوقف أمام ما تكشّف من توجهات خطرة لدى مجلس الوزراء لاعتماد مذكرة وزارة المالية التي تحمل عنوان "الإصلاحات ومقترحات تمويل الميزانية"، وسبق أن قرر مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ ٤ يونيو ٢٠٢٠ تكليف الجهات المعنية بإنجاز تقرير بشأنها لاعتماده خلال اسبوعين، أي خلال هذه الأيام القليلة، ذلك أن هذه الإصلاحات المزعومة ومقترحات تمويل الميزانية المطروحة إنما تهدف بالأساس إلى تحميل الفئات الشعبية من عمال وموظفين ومتقاعدين ومواطنين من أصحاب الدخول المتدنية والطبقة الوسطى العبء الأكبر في معالجة عجز الميزانية وما يسمى الإصلاح المالي، وذلك على حساب مكتسباتهم وحقوقهم ومستوى معيشتهم، وهذا ما يتضح في المقترحات المطروحة، وأبرزها: ١- إعداد مشروع قانون في شأن ضريبة القيمة المضافة، وهي ضريبة غير عادلة اجتماعياً سيدفعها المستهلك زيادة على فاتورة الشراء بغض النظر عن مستوى دخله. ٢- إعداد مشروع قانون يسمح للحكومة بزيادة أسعار الرسوم والخدمات، واستحداث رسوم جديدة، وذلك عبر تعديل القانون رقم ٧٩ لسنة ١٩٩٥ الذي يمنع الحكومة من زيادة أسعار الرسوم والخدمات الحالية إلا بقانون، لأن الحكومة تريد إطلاق يدها عبر المراسيم والقرارات الوزارية لزيادة الرسوم وأسعار الخدمات وفرض رسوم جديدة، وتقدّر تكلفة هذه الزيادات على الناس بقيمة مليار و٢٠٠ مليون دينار. ٣- تحميل الموظف زيادة قسط التأمينات بنسبة ٥٪ جديدة مقابل خفض قسط الحكومة بهذه النسبة، وقيمة هذه النسبة تصل إلى مئة مليون دينار. ٤- رفع رسوم استهلاك الكهرباء والماء من دون استثناء السكن الخاص للمواطنين لتحصيل مبلغ ٥٠٠ مليون دينار إضافي من المواطنين. ٥- خفض عدد الطلبة المبتعثين إلى الخارج، وزيادة المعدل المطلوب للابتعاث. ٦- حرمان موظفي الحكومة والهيئات والمؤسسات والشركات التابعة للحكومة من الزيادات والترقيات السنوية. وهذا انتقاص صارخ من مكتسبات اجتماعية وحقوق وظيفية وزيادة في تكاليف المعيشة ستتحملها الفئات الشعبية والطبقة الوسطى، بينما نجد في المقابل فإن الحكومة تذر الرماد في عيون الشعب عندما تطرح مقترحاً يتيماً ومخففاً يتصل بطبقة كبار الرأسماليين، يتمثّل في فرض ضريبة بنسبة ٥٪ فقط على صافي أرباح الشركات والمؤسسات الخاصة، ليس على الدخل، وهذه الضريبة المخففة ليست كما تحاول الحكومة ايهام الناس بها على أنها الضريبة التصاعدية على الدخول الكبيرة للشركات والأثرياء والمضاربين التي هي الضريبة المستحقة لتمويل الميزانية العامة للدولة.
إننا في الحركة التقدمية الكويتية نعلن رفضنا لهذه المقترحات الحكومية المنحازة ضد الفئات الشعبية والطبقة الوسطى، ونكرر موقفنا الواضح والمعلن بأن خفض الإنفاق الحكومي وزيادة مصادر تمويل الميزانية أمور مستحقة ولكن عبر معالجات وحلول توقف أولاً الهدر والتنفيع والفساد والحد من المبالغة في تسعير المناقصات والعقود الحكومية وضبط الأوامر التغييرية…وتحمّل ثانياً القطاع الخاص مسؤولياته الاجتماعية في توفير فرص عمل مناسبة للمواطنين، والمساهمة في تمويل الميزانية العامة للدولة عبر فرض ضرائب تصاعدية جدية على الدخول الكبيرة للأثرياء والبنوك والشركات الرأسمالية الكبرى المساهمة والخاصة وعلى المضاربين في العقار والأسهم.