الحركة التقدمية الكويتية: لا يجوز أن يبقى المواطن الكويتي مغيّباً عن حقيقة الحلقة الجديدة من مسلسل الأزمة السياسية وأسبابها… ولا أن تكون التسريبات والإشاعات هي مصدر المعلومات
في الوقت الذي تتحدث فيه الأوساط السياسية والإعلامية عن أزمة سياسية كامنة أو بالأحرى عن حلقة جديدة من مسلسل الأزمة العامة، التي خيمت على الكويت منذ العام ٢٠١١ ولا تزال…وفيما يجري في المجالس المغلقة وبعض حسابات التواصل الاجتماعي تداول التسريبات المتفاوتة ما بين معلومات وإشاعات عن توتر العلاقات وتفاقم الخلافات داخل مركز القرار الحكومي، وعن تعطيل بعض القرارات المستحقة، ناهيك عن العودة إلى تكرار اسطوانة التلويح بالانقلاب مرة ثالثة على الدستور، فإنّ الغالبية الساحقة من المواطنين مغيبون تماماً عن حقيقة ما يُثار، ولا يعلمون ما يدور حولهم، وكأنهم غرباء دخلاء لا شأن يعنيهم بما يحدث في الدولة وسلطاتها، بينما هم بالأساس أفراد الأمة، التي يُفترض أنها مصدر السلطات جميعاً، وفقاً لأحكام الدستور.
ومن هنا، فإنه لم يعد مقبولاً أن يغيّب الرأي العام عن هذه الأزمة وأسبابها وأبعادها وتداعياتها، ولا يجوز بحال من الأحوال أن تكون التسريبات والإشاعات هي المصدر الرئيسي للمعلومات، إذ لابد من مصارحة الشعب بحقيقة ما يدور وتوضيح عناصر الخلاف وبيان المواقف على نحو شفاف يتناسب مع ما هي عليه الأمور في أي دولة دستورية تحترم شعبها ولا تتعامل معه باستخفاف، مثلما هي حالنا الآن.
وبالنسبة لنا في الحركة التقدمية الكويتية فقد سبق لنا أن أكدنا أكثر من مرة في بياناتنا وتصريحات قياديي الحركة وندواتهم، أننا بعيداً عن أية أوهام وتفاؤل ساذج، ندرك أنّه لم يحدث تغيير جديّ في نهج السلطة، ولم يتم بعد طيّ صفحة الأزمة التي تعصف بالبلاد منذ العام ٢٠١١، وإن كل ما هناك لا يعدو كونه تغييراً شكلياً في بعض أساليب التعامل ولغة الخطاب الرسمي عبر إطلاق الشعارات والوعود؛ وتبديل الطاقم واستبعاد العناصر المحترقة من المسؤولين في أجهزة الدولة، وإعادة ترتيب لبعض الأوراق والتحالفات، فيما لا تزال طبيعة السلطة وحلفها الطبقي المسيطر على ما هي عليه من حيث سطوة عقلية المشيخة وتحكّم المصالح الطبقية الضيقة للقلة الرأسمالية المتنفذة، وإن تغيرت وجوهها وأسمائها… وفي ظل وضع كهذا فمن الطبيعي أن يتم تعطيل أي محاولة انفراج فعلية، وأن تجري عرقلة أي مسعى جاد نحو الإصلاح السياسي الديمقراطي، فما بالك بإنجاز التنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية؟!
ونقولها بوضوح، ليس هناك من سبيل لتصحيح مسار الدولة؛ ولا لإصلاح الأوضاع السيئة والمتخلفة؛ بل لا يمكن إنهاء هذا العبث المؤلم في حياة الناس ووضع البلد ومصيره، ولن يتحقق التغيير المنشود، إلا بوجود حركة شعبية ديمقراطية فاعلة وضاغطة على الأرض، مترافقة مع عمل برلماني جماعي منظم وليس عشوائياً فردياً، مثلما هي الحال الآن، بحيث يتغيّر أولاً ميزان القوى المختل، وحينذاك فقط يمكن أن يتم تجاوز الوضع الراهن المتعثّر، ويمكن تحقيق تغيير جدي على النهج المتبع، والتوافق على الشروع في تحقيق الإصلاح المنشود، وصولاً إلى ما يفترض تحقيقه من تحديث للدولة وتنمية للبلاد على أسس وطنية ديمقراطية عادلة اجتماعياً.