رغم مضي أكثر من ستة اسابيع على استقالة الحكومة ونحو شهر على إعادة تكليف الشيخ صباح الخالد بتشكيل حكومة جديدة إلا أنّ مثل هذه الحكومة لم يتم الإعلان عنها بعد، مرة بذريعة المشاورات، ومرة أخرى جراء كثرة اعتذارات المرشحين للتوزير عن عدم المشاركة فيها، ومرة ثالثة بحجة تغيير الرئيس المكلّف لتوجهه في تشكيل الحكومة من حكومة تكنوقراط إلى حكومة بمشاركة نيابية أوسع. ولكن من الواضح أنّ السبب الحقيقي لهذا التأخر أو التأخير يعود بالأساس إلى التجاهل المتعمّد لحقيقة أنّ الدولة تعاني من أزمة عامة مرتبطة بالأساس بالنهج السياسي غير الديمقراطي للسلطة وحلفها الطبقي الرأسمالي، والتوجهات الاقتصادية النيوليبرالية المنحازة لقلة من كبار الرأسماليين الطفيليين، ناهيك عن تفشي الفساد وسوء الإدارة السياسية للدولة وتدني كفاءتها ومستوى أدائها، ويعود السبب كذلك إلى تجاهل القوى المتنفذ أنّ هذه الأزمة منعكسة سلباً على مختلف جوانب الحياة الدستورية والسياسية والاقتصادية والإدارية في البلاد، وتتضرر منها الغالبية الساحقة من المواطنين والسكان. وبالتالي، فإنه مالم يتم تغيير هذا النهج وهذه التوجهات ومعالجة هذه الاختلالات فإنّ الأزمة ستستفحل وتتفاقم أكثر فأكثر، والمؤسف أنه لا يلوح في الأفق أي توجه جاد يستهدف ذلك، بل هناك إصرار على إنكار وجود الأزمة، واستمرار في مواصلة النهج المتبع، وتكرار للخيارات البائسة والسياسات الفاشلة في التعامل مع المشكلات العامة وإدارة الدولة. حيث تتعامل القوى المتنفذة وفي مقدمتها رئيسا المجلسين مع الأزمة بطريقة تقطيع الوقت والتأجيل المتكرر لجلسات مجلس الأمة وتفكيك المعارضة النيابية، وترى في هذه المناورات نجاحاً لها، فيما تماطل ما أمكنتها المماطلة في تلبية استحقاق العفو عن غالبية المحكومين في قضايا الرأي والتجمعات، وتتمسك بالقوانين المقيدة للحريات، وتكرر تبنيها للنهج الاقتصادي الاجتماعي المنحاز طبقياً ضد مصالح الغالبية، الذي يقوم على تصفية الدور الاقتصادي للدولة عبر الخصخصة، وإرهاق الفئات الشعبية باستحداث الرسوم وزيادتها وخفض الدعوم وإلغاء بعضها، واستحداث ضريبة القيمة المضافة غير العادلة اجتماعياً، وتقليص بنود الإنفاق الاجتماعي، بينما نجد في المقابل أنّ الغالبية الساحقة تئن من الغلاء وارتفاع الأسعار والايجارات ومن تدني مستوى الخدمات العامة، ناهيك عن تجاهل القوى المتنفذة لمعاناة الكويتيين البدون، وللتمييز ضد المرأة، ورفضها حل مشكلات المقترضين وخسائر المتضررين من أزمة إغلاقات جائحة كورونا. وفي الختام، فإننا في الحركة التقدمية الكويتية من موقعنا كمعارضة وطنية مسؤولة ليست لدينا أية أوهام ولن ننخدع بالوعود الفارغة، فنحن نرى أنّ فشل رئيس الحكومة أمر ثابت ليس بسبب تأخره في تشكيلها فحسب، وإنما لأنّ النهج الذي يسير عليه لم يتغير، ناهيك عن أنّ التجارب الثلاث الفاشلة السابقة له هي خير برهان على فشله الأكيد، الذي دفع الشعب وسيدفع ودفعت الدولة وستدفع ثمنه غالياً.