سأبدأ المقال، باقتباس كلمة عضو التيار التقدمي الكويتي أنور الفكر، في إحدى الوقفات التضامنية لمعتقلي الرأي في الكويت، عندما قال: «لا يوجد حراك شعبي في العالم ينجح، إلا وراه فكرة، ولا يوجد فكرة تنجح، إلا وراها ناس مؤمنون بها، ولا ينتصر المؤمنون، إلا إذا جاءت التضحيات وتوافر التنظيم، ولا يوجد تنظيم ينجح، إلا إذا تخلص من أمرين؛ أولهما، أن يتخلص من مصالحه التجارية، وثانيهما أن يتخلص من أجندته الانتخابية».
يوما بعد يوم يزداد يقيني بصحة مواقف التيارات الوطنية التقدمية والديمقراطية المشاركة في الحراك الشعبي المُطالب بالإصلاح السياسي، ومع مرور الوقت، أيضاً، ترسخت قناعاتي، بأن بعض نواب الأغلبية الوهمية كان لهم دور رئيس في عرقلة وتفتيت الحراك الشعبي، وتشويه صورته، بانتهازيتهم وخطابهم الطائفي والعنصري المنفر، فهؤلاء لا يمثلون الشباب الوطني في المعارضة الإصلاحية، فمشروعهم الحقيقي، هو كيفية العودة إلى البرلمان، بالحفاظ على أجندتهم الانتخابية، ومصالحهم التجارية، وليس الدفاع عن إرادة الشعب والدستور والديمقراطية وحرية التعبير.
فبعد الأحداث الأخيرة التي مسَّت أمن الكويت، وتكاثر الأمراض الطائفية والعنصرية التي خلقت بيئة خصبة لهم، كانت الفرصة سانحة أمامهم للتكسب الانتخابي، بالحديث عن وطنيتهم، وزرع أفكارهم الظلامية، ودس السموم باللمز الطائفي.. فهذه بضاعتهم وأدواتهم الرخيصة التي يستخدمونها نحو مشروعهم الأسمى، العودة إلى البرلمان بعد تخاذلهم وتخريبهم للحراك، وبيعهم للقضية، وتغافلهم للاعتقالات التي طالت الشباب الوطني وتضحياته، من أجل الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.
إن الدفاع عن أمن الكويت، واستنكار ما حدث، يجب أن يكون من منطلق وطني خالص، وليس منطلقا طائفيا عنصريا مُدمرا، يُدخل الوطن في مستنقع مُظلم، ومن هنا تتحمَّل الطليعة الوطنية التقدمية والديمقراطية مسؤولية محاربة الطائفيين والعنصريين، وتعريتهم، مع توعية الناس، كي لا يكونوا فريسة سهلة لتجار الطائفية، الذين يتلاعبون بمشاعرهم، ويتاجرون بعواطفهم الصادقة.
حفظ الله الكويت وشعبها من شر وفتنة الأحزاب السياسية الدينية، التي لا تحترم الدين، وتستغله لمصالحها الخاصة.