شرعت السلطة بإعلان الأحكام العرفية (الطوارئ) من غير إعلان رسمي، فالاعتقالات اليومية لمغردين ومتظاهرين ومتجمعين وبدون (الأخيرون هم الوجبة المفضلة للأمن الساهر على القهر) أضحت عادة مزمنة لهذه السلطة التي تخشى الرأي المختلف معها، السلطة التي تريد أن تخلق شعباً من "البصامين" المداحين والمطبلين لأولياء النعم، السلطة التي تريد الناس أن يصيروا قطيعاً من الرعاع يسير خلف الرعاة الأسياد! يوماً بعد آخر، أقرأ في إعلام شبكات التواصل عن وجبة جديدة لمعتقلين، ووجبة ثانية وثالثة تقدم للنيابة العامة، بعد بيات ليلة وليال في "فنادق" الأمن الساهر على راحة النظام، النيابة العامة أضحى عملها مثل المخافر والمستشفيات تعمل على مدار الساعة وقرارات تنتهي إما... بالحبس الاحتياطي... أو إفراج بكفالة مالية عالية.ماذا يحدث في هذه الدولة، وبماذا سيثرثر علينا كتاب الموالاة الذين هللوا وانتشوا بتفرد السلطة في تشكيل المجلس وبعرسه الكاثوليكي مع السلطة، متوهمين أنه بداية الطريق لعالم الحريات ولدنيا "الليبراليات" القادمة بالمشمش!سترد الجماعات المهتدية بنور السلطة بأن وزارة القمع تقوم بواجبها في تنفيذ حكم القانون، وأن وزارة "اخرس، كلبج، اضرب" هي عبد مأمور... خوش حجي! قضيتان يجب ألا ننساهما أبداً، أولاهما أن القوانين التي تتذرع السلطة بها مثل حظر التظاهرات والتجمعات وغل يد القضاء من النظر في مسائل الجنسية وغيرها متمثلة في قوانين أمن الدولة والمطبوعات، كلها قوانين لا دستورية لو قرأنا الدستور بعقول منفتحة وبروح تقدم مفاهيم حقوق الإنسان، والطعن بتلك الشاكلة من القوانين السيئة أمام المحكمة الدستورية يعد ضرباً من الخيال. فالوصول إلى المريخ أسهل من الوصول إلى المحكمة الدستورية بسبب قانون إنشائها، والقضية الأخرى في دولة "كلوا وناموا" هي التعسف في تطبيق القانون، فتجمع عشرة أو عشرين فرداً يعد تظاهرة أو اجتماعاً محظوراً يهز أمن الدولة، وست كلمات في "تويتر" تقرع أجراس الخطر لأسس النظام. ما هذا... كلمات أم متفجرات؟! ومن يقرر في النهاية نوايا ومقاصد المغردين، ما دامت السلطة افترضت مسبقاً سوء النية لديهم، وانفردت بمحاسبة النوايا وإصدار الأحكام عليهم دون معقب.السلطة اليوم، تعاني مرض الوسواس القهري، هي "بارنويد"؛ أي مضيعة البوصلة، فكيف في مثل تلك الحالة المرضية يصح لنا أن نحلم بغد أفضل، "يارب تشافيها"!حسن العيسىمنقول عن جريدة الجريدة تاريخ 18\12\2012.