هل سيخرج النظام الرأسمالي من أزمته الاقتصادية البنوية؟ التي وصفت بأنها أعمق أزمة عامة تمر بالرأسمالية في تاريخها، وهي أعمق بما لا يقاس من أزمة الكساد الكبير عام 1929، التي أدت إلى الحرب العالمية الثانية، من أجل إعادة اقتسام النفوذ في العالم.ولكن الواقع الآن يختلف عن ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، فبعد انتهاء عالم القطبين بانهيار التجربة السوفياتية، أصبح العالم برمته معولما فلا توجد أسواق جديدة لتستعمر، فالعولمة الرأسمالية تعني تدويل الإنتاج، وتحويل كل العمال في آسيا والهند وغيرهما إلى قوى انتاج عضلية والأغلب ذهنية.لكن ذلك لا ينهي التنافس بين الدول الرأسمالية بشكل أو بآخر، فمثلاً دخلت الهند وهي من دول البريكس في منافسة لصناعة الأدوية للأمراض الخطرة مع أكبر المصنعين لمثل هذه الأدوية في سويسرا، حيث تباع الأدوية الهندية بسعر بخس على الجمهور، بينما تريد سويسرا احتكار صناعة الدواء وفرض أسعار غالية، فالعولمة الرأسمالية تريد الاستيلاء على كل شيء طيلة الوقت.ولكن بدلاً من الحرب الرأسمالية الشاملة، بدأت الامبريالية الأميركية بالحروب المتفرقة وخلق مناطق ساخنة في العالم، تشن هذه الحروب بذرائع مختلفة ولكن الهدف الرئيسي هو نهب ثروات هذه الدول، مثل البلقان والصومال والعراق والآن سورية، حيث المخزون الهائل من النفط والغاز.ولكن تناقضات الرأسمالية أدت إلى حدوث أزمات دورية وعامة آخرها أزمة 2008، ولكي تنقذ شركاتها الرأسمالية لا بد من تصريف فائض الأسلحة، وبيعه لمختلف الدول ومنها دول الخليج، واستخدامها في الحروب المفتعلة ضد الإرهاب أو التهديدات الإقليمية، هذا ناهيك عن فرض السياسة الاقتصادية النيوليبرالية، التي يروج لها صندوق النقد الدولي، من أجل تصفية القطاع العام والاتجاه لخصخصة كل شيء، وفرض ضرائب مختلفة على الشعوب وإلغاء الدعم الاجتماعي عنها، لكن كل ذلك لم يجعل اقتصاد الدول الرأسمالية يتعافى ويعود إلى الربح الكبير والانتعاش.هذا التنافس بين المراكز الرأسمالية لم ينته، فما زالت بريطانيا وفرنسا وغيرهما تسوق لبضاعتها وسلاحها في منافسة مع الولايات المتحدة، بل ازدادت حدة التنافس عندما دخلت روسيا كمنافس رأسمالي قوي، وبدأت بترويج أسلحتها والدخول مباشرة في حروب بدءاً من مناطق النفوذ التاريخية للاتحاد السوفياتي مثل أوكرانيا وسورية، والتقرب من الدول النفطية في المنطقة.الأزمة الاقتصادية الرأسمالية قد تكون نهائية، لكن لا يعني أن ذلك سيحدث غداً، فما زال النظام الرأسمالي يحاول أن يراوغ لإطالة عمره بطرق شتى، لكن أمد ذلك موقت من الناحية الموضوعية، خاصة وأنها تجد مقاومة من شعوب العالم على شكل هبات وانتفاضات واحتجاجات جماهيرية.بقلم وليد الرجيبجريدة الراي الكويتية٢٦ اكتوبر ٢۰۱٥