تركيا بإصرارها على عدم التدخل في الهجوم الذي تتعرض له «كوباني» الكردية على حدودها من قبل تنظيم الدولة الإسلامية، إضافة إلى أنها ترفض السماح للأكراد بالدفاع عن أنفسهم، وترفض بل وتقمع المظاهرات داخل تركيا التي تطالب بالدفاع عن كوباني، تكون تركيا قد فقدت مصداقيتها رغم وصول عناصر الدولة الإسلامية إلى حدودها.
وكأنها تكشف أنها تفضّل الإسلاميين المتشددين والإرهابيين على مواطنيها من الأكراد، فقد قتلت حتى الآن أكثر من 33 من مواطنيها المحتجين في ميدان تقسيم وغيره من المناطق بالرصاص الحي، بينما تقف دباباتها على تخوم المدينة دون طلقة واحدة ضد الغزاة، الذين يتوقع المراقبون أنهم سيرتكبون المجازر ضد المدنيين في حال احتلالهم لكوباني أو «عين العرب».
وكل ذلك يبيّن التعقيدات التي تواجه التحالف الدولي ضد «داعش»، وغموض الموقف على الأرض وتداعيات ذلك على دول الجوار العربي، فالمواقف الغربية والأميركية السياسية مرتبكة، بينما أصحاب مصانع السلاح هم الأكثر ارتياحاً بسبب أرباحهم الهائلة من بيع الأسلحة والذخائر وقطع الغيار، سواء للجيش الأميركي أو الجيوش العربية والدول المشاركة في التحالف.
وهذا يضعنا أمام تساؤل: هو ما مدى جدية هذا التحالف الضخم ذي العدّة والعتاد في القضاء على العصابات الإرهابية؟ التي ما زالت تتلقى الأموال والسلاح والمقاتلين من دول الخليج، التي لا تريد أن تحكم قبضتها على جماعات الإسلام المتشددة في دولها.
فقد تجاوزت كلفة الحرب ضد «داعش» حتى الآن المليار دولار منذ بدء العملية العسكرية قبل بضعة أسابيع، والتي ستدفع دولنا فاتورتها بكل تأكيد مع كل مخاطر هبوط أسعار برميل النفط إلى مستويات متدنية منذ سنوات، حيث وصل سعر برميل النفط الكويتي إلى 85.3 دولار، والكلفة مؤهلة لأن ترتفع أكثر مع توسع «داعش» في الأراضي العربية، وتغيير أساليب التنظيم وتكتيكاته العسكرية واعتماد السرية في حركته بسبب الضربات الجوية.
وجميع المؤشرات تشي بأنه لا توجد دولة بمنأى عن وصول عناصر تنظيم الدولة الإسلامية لها، فهو يزداد قوة وشعبية لصموده أمام ستين دولة تقاتل ضده، أما شعوبنا فهي مكتوفة الأيدي لأنها مقموعة ومقيدة الحريات ومهمشة عن المشاركة في السلطة والقرار، كما حدث لسنّة العراق الذين فضلوا في فترة ما الانضمام ودعم «داعش» ضد النظام الطائفي الذي كان يمثله المالكي.
إن تطمينات الوزارات الأمنية والعسكرية في دولنا، حول درجة الاستعداد الكبيرة لمواجهة الأخطار وأن عيون الأمن يقظة والحدود مؤمّنة، غير كافية خصوصا مع اكتشاف مخالفات أمنية وفساد لبعض العناصر في هذه الأجهزة والتي نقرأها في الصحف اليومية، إضافة إلى تكريس جهود الجهات الأمنية ضد حريات الشعب، والقيام بإجراءات استفزازية ضد شرائح ومكونات في المجتمع.