مسيرات شعبية "مظاهرات" حاشدة تحت شعار "كرامة وطن" لم يسبق لها مثيل في الكويت سواء من ناحية أعدادها الضخمة جداً، أو من ناحية تنوع المشارب الاجتماعية والسياسية والفئات العمرية للمشاركين فيها، والتي تعتبر انعكاساً صادقاً لمكونات مجتمعنا كافة، أَضف إلى ذلك المسيرات الليلية "المظاهرات" التي شملت عدة مناطق، واشترك فيها فئات عمرية مختلفة يغلب عليها العنصر الشبابي. مسيرتا كرامة وطن الأولى والثانية تعرضتا للقمع، أما الثالثة والرابعة فقد سارتا بهدوء بعد أن التزمت قوى الأمن بدورها الدستوري، أما المظاهرات الليلية فإنها، على ما يبدو، ما زالت مستمرة رغم استخدام قوات الأمن للقنابل الدخانية والصوتية ومسيل الدموع، ورغم انتهاك حرمات المنازل والاعتقالات العشوائية التي طالت حتى الأحداث وصغار السن، وهنا تبرز أسئلة مهمة مثل: ترى لماذا يخرج الناس إلى الشوارع والساحات العامة بأعداد ضخمة كماً ونوعاً؟ ولماذا يصر الشباب- يعتبر مجتمعنا من المجتمعات الفتية، فإن 84% من الكويتيين دون سن 44 عاما حسب إحصائية هيئة المعلومات المدنية عام 2009- على المظاهرات الليلة في الشوارع والساحات العامة القريبة من المناطق السكنية رغم معرفتهم باحتمال تعرضهم للضرب والاعتقالات والغازات المضرة بالصحة؟الجواب عن هذه الأسئلة يحتاج لبحث موضوعي في الأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذا الغضب الشعبي المتنامي، أي عدم التركيز فقط على النتائج التي نرى بعضها أمامنا الآن والمبالغة في تضخيم بعض التصرفات الفردية التلقائية التي من الممكن أن تحدث في أي مظاهرات ضخمة. من هذا المنطلق فإن من السذاجة السياسية القول إن هذه الأعداد البشرية الضخمة ذات الخلفيات الاجتماعية والسياسية المتنوعة، قد خرجت إلى الساحات العامة واشتركت في المظاهرات سواء مسيرات "كرامة وطن" أو المسيرات الليلية استجابة لرغبة وتوجيه أغلبية مجلس 2012 المبطل من المحكمة الدستورية، أو أن الناس قد خرجوا رفضا لمرسوم تعديل النظام الانتخابي فقط الذي يعتبر مجرد القشة التي فجرت الغضب الشعبي، رغم أن المطالبة الآن بإسقاط المجلس الذي أتى بناء عليه وقاطعه أغلبية الشعب، تعتبر على رأس أولويات المطالب الشعبية، والتي في ظننا لن تتوقف عند هذا الحد، حيث من المرجح جدا أن تتصاعد قريبا، خصوصا إذا ما قامت الحكومة بالتقليل من شأنها واستمرت بعدم الاستجابة لها نتيجة تحليل خاطئ أو سطحي قصير المدى يرتكز على معلومات غير دقيقة ومضللة تسوقها مع الأسف بعض الصحف اليومية، وبعض الفضائيات الخاصة، من ضمنها أن الحراك السياسي والشعبي الحالي، وبالذات المسيرات الليلية، ليست سوى مجموعة من المراهقين المغرر بهم! وهو الأمر الذي قد يفسر حملة الاعتقالات العشوائية لعدد من صغار السن "الأحداث".والآن هل تستطيع الحكومة قراءة النبض الشعبي بشكل سياسي صحيح، فتستجيب بسرعة لمطالبه، أم أنها ستستمر في تجاهله مما سيؤدي إلى عدم الاستقرار السياسي من ناحية وارتفاع سقف المطالب الشعبية من الناحية الأخرى؟ هذا ما ستجيب عنه الأسابيع القليلة القادمة.د. بدر الديحانيمنقول عن جريدة الجريدة تاريخ 10\12\2012.