لم أكن أنتظر حكم المحكمة لأني أعتقد أن الخلاف سياسي لا قانوني واختيار النظام الانتخابي هو شأن الشعب وحده وأن نظرية الفصل بين السلطات تأسست حتى لا يقع التعسف، ولا تجتمع السلطة التشريعية والتنفيذية في يد رجل واحد،كذلك اعتقد بان اي حكم سوف يعزز مفهوم دولة المشيخة او يعطي الصلاحية المطلقة لأي فرد كان أو عائلة هو أمر مرفوض عند أي شخص ينشد الديمقراطية الحقيقية ويأمل بالمزيد من الحريات.
قبل ان أطرح الحل أود ان أعلق سريعاً على ما ذكر بأن الصوت الواحد للناخب هي قاعدة متبعة في العديد من الدول الديموقراطية, فهذه الحجة تسطيح لقاعدة (صوت واحد لمرشح واحد) المطبقة بالدول الديمقراطية العريقة واجتزاء على النظام الديمقراطي المتكامل, فمن باب أولى ان أردنا تطبيق هذه القاعدة - والتي هي مختلفة تماماً عن قانون الصوت الواحد بالكويت - ان نطبق النظام البرلماني الكامل أو ان يختار الشعب رئيس الوزراء إما عن طريق ممثليه او مباشرة, مثلما هو الوضع في الديمقراطيات العريقة كما تقول حجتهم !
ولكن الحقيقه انهم تركوا كل الانظمة الديمقراطيه الناجحه و بحثوا عن نظام انتخابي غير مصنف ومطبق في 4 دول فقط حسب دليل المؤسسة الدولية للديمقراطية والانتخابات في ( الاردن – افغانستان – جزيرة بيتكيرن - وجزيرة فانوا ). ان هذا النظام لم يأتي من السلطة الا لتجعلنا كتله من الافراد المعزولين ولكي تستبعد القوى السياسيه من خلال مرسوم الصوت ومن ثم تحصينه من قبل المحكمه حتى لا تمكننا من محاسبتها أو مراقبتها,خاصة بعدما شعرت بان صلاحياتها قد تتقلص وان اداره الدولة خرجت من يدها وان الشعب اصبح واعٍ بحقوقه وسوف يصبح هو الرقيب و صاحب السياده ومصدر السلطات هذا هو حال الانظمه العربيه التي دائما ما تعالج المشاكل بانتقاص حقوق الشعب وتعزيز حكم الفرد لا بمزيد من الديمقراطيه.فلسنا اول ولا اخر دولة تمر بهذه المرحلة ولا سلطتنا اول سلطة تنقلب على دستورها وتنفرد بالحكم ،فعقلية من بيده كل القرارت واحدة من مصر الى ليبيا الى السودان والبحرين وغيرهم.
لكن السؤال هو كيف نخرج من هذه الازمة وما هو الحل ؟
يقول د.علي الكواري ان الانتقال الى نظم حكم ديمقراطية يتطلب بالضروره وجود احزاب ديمقراطيه ومن ثم بناء كتله تاريخيه فاعله تضم الى جانب كل منها بقيه القوى التي تنشد التغيير السلمي ، وجدير بالتأكيد ان مثل هذه الكتله التاريخيه هي وحدها القادره على تقديم بديل واقعي لنظم حكم الفرد. واعتقد كذلك ان الحمل الاكبر يقع على عاتق الشباب في الدرجه الأولى, فيجب ان يكونوا هم قلب هذه الكتله والمتحدث باسمها لانهم أثبتوا انهم دائماً هم طليعه المحتجين ووقود الحراك, خاصة بعد ان رأينا بعض ما يسمى بنواب الاغلبية ينقلبون على مبادئهم بعد شعورهم ان الكرسي أغلى من المبدأ وحقوق الشعب.
ففي الماضي كان هناك رموز هي من تقود الحراك وتوجه الناس اما الآن فقد تراجعت الرمزية وهذ ما يميز الحراك الشبابي العربي الحالي. و أفضل مثال على ذلك المغرب, فعندما فشلت النخب والاحزاب السياسيه المغربية في تحقيق مطالب الشباب و استكمال مسيرة الانتقال الديمقراطي,أسس الشباب المغربي حركه ( ٢٠ فبراير ) ثم شكلوا لجان شعبيه تضم كل من هو مؤمن بالقضيه من يساريين وإسلاميين وليبراليين ونشطاء الحركه الأمازيغيه، توافقوا على الحد الأدنى للمطالب ،واختارت الحركه شكلاً تنظيمياً يعتمد على خلق تنسيقيات في المدن التي بلغ عددها ٨٠ تنسيقيه, ووضعوا برنامجاً شاملاً وواضحاً ومتكاملاً، أبرز ما فيه : الاصلاحات الدستوريه واقامه ملكيه برلمانية فأستجاب الملك محمد السادس لمطالب الشعب عن طريق الضغط السلمي المنظم مجبراً.فبالوعي والعمل المنظم والايمان بالقضية يتسجيب الحكام لمطالب الشعوب ..