ما هي اولويات مجلس الامة ؟سؤال متكرر سبق للكثير أن سأله، فلكل شخص أو مجموعة أولويات يراها هي الأهم والأجدر بأن تطرح أولاً وقبل طرح أي مشروع تحت قبة عبدالله السالم. فبالنسبة لي وللعديد من المهتمين بالشأن السياسي، فإن أولى الأولويات هي إيجاد حالة من الانفراج السياسي في ظل الاحتقان المستمر منذ العام 2009 وربما قبل ذلك بكثير، فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون هناك انجاز أو تقدم ما لم يكن هناك انفراج ولن يكون هناك انفراج وهناك سجناء رأي وأشخاص سلب منهم حق المواطنة بسبب رأي سياسي!ولكن كما حدث في مجلس 2012 المبطل الأول، وبعد أن استطاع الشعب ولأول مرة في تاريخ الكويت انتخاب أغلبية معارضة حملت راية الإصلاح ومحاسبة الفاسدين أثناء حملاتهم الانتخابية، تقدم أحد النواب الأفاضل قبل أيام باقتراح بتعديل نص المادة «79» من الدستور التي تنص على أن «لا يصدر قانون إلا إذا أقره مجلس الأمة وصدّق عليه الأمير» بحيث تضاف لها جملة «وكان موافقاً للشريعة الإسلامية».ففي العام 2012 وبعد انتخاب ما سمي في حينه «مجلس الأغلبية» وقبل انعقاد أولى جلسات ذلك المجلس، وعلى عكس توقعات الشارع الذي كان ينتظر تشريعات إصلاحية ومحاربة للفساد ومحاسبة للمفسدين؛ أعلنت مجموعة من النواب تبنيهم تعديل المادة الثانية من الدستور ثم عدّلوا فكرتهم لتصبح تعديل المادة «79» بنفس النص المقترح حالياً.الحقيقة أن الاقتراح المقدم هو حق دستوري أصيل للنائب الفاضل، ولا يوجد من يملك ان يمنعه من استخدام هذا الحق الذي كفله الدستور، ولكن من حقنا أيضا أن نتساءل عن أهمية التعديل المقترح وعن الأسباب الملحة التي جعلته يستعجل في تقديم هذا الاقتراح في وقت تعاني فيه بعض الأسر من قرارات سحب الجنسية والبعض الآخر من سجن أبنائها بسبب تغريده أو كلمة، ناهيك عن معاناة العديد من غلاء المعيشة وسوء التعليم والصحة وغيرها.يقول النائب الفاضل: لماذا الخوف من الشريعة؟ هل نشرب الخمر حتى نخاف الجلد؟ وبنفس المنطق الذي تحدث به النائب الفاضل نسأله: هل هناك «كافر» بين نواب مجلس الأمة أو الوزراء لكي تخشى إقرار قوانين ضد الشريعة؟ أوليست المادة الثانية من الدستور تقر بأن الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع؟باعتقادي، الأمر لن يتعدى كونه إلهاء وإشغالا للرأي العام بموضوع خلافي بعيد كل البعد عن الأولويات التي ينظرها الشعب من أعضاء مجلس الأمة، فقد سبق لصاحب السمو أمير البلاد أن رد هذا الاقتراح في عام 2012 بعد اقراره في المجلس واعتبره غير جائز دستورياً ويؤدي إلى خلافات سياسية وفتن مذهبية ويهدد الوحدة الوطنية، ولا أعتقد بأن الأسباب قد تغيرت منذ ذلك الحين.في الختام، هذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة والتي يشغلنا فيها نواب الإسلام السياسي بمثل هذه الاقتراحات، ولن تكون المرة الأولى ولا الأخيرة التي يستخدم فيها أسلوب التخويف والترهيب من معارضتهم ووصم مخالفيهم بمعارضة الدين أو الكفر، ولكن المهم أن نفهم ما يحدث وأن نوصل رسالتنا بأن المتاجرة بالدين مرفوضة وأن اسلوب الترهيب لم يعد نافعاً اليوم والأولويات التي طرحت لم يكن بينها مثل هذه الاقتراحات!عضو التيار التقدمي الكويتي د.حمد اسماعيل الأنصاريجريدة الراي