أصبح واضحاً للعيان أنّ الكويت اليوم تعيش أزمة سياسية متفاقمة هي في جانب منها امتداد للأزمة المخيمة على البلاد من دون حل منذ العام 2011، بالإضافة إلى كونها من جانب آخر نتاجاً طبيعياً لاستمرار النهج السلطوي على ما كان عليه من دون تغيير، وتجاهل الاستجابة للرسالة الشعبية المتمثلة في نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة. فلقد أعاد التشكيل الحكومي الجديد توزير عناصر تأزيمية مرفوضة، كما جرى توزير أشخاص آخرين تدور حولهم ملاحظات سلبية وذلك بالتعارض التام مع الرغبة الشعبية في التغيير والإصلاح، وجاء موقف الحكومة المنحاز ضد الإرادة الشعبية في انتخابات رئاسة المجلس، وقبله خطاب رئيسها في جلسة افتتاح مجلس الأمة ليقطع الطريق على أي بارقة أمل في تحقيق انفراج سياسي، ناهيك عن تحقيق الإصلاح. وبعد ذلك صُدم الرأي العام الشعبي بما تم تسريبه من مشروع برنامج العمل الحكومي الذي نشرته بعض الصحف، قبل أن تقدمه الحكومة رسمياً إلى مجلس الأمة فور تشكيلها وفق الاشتراط الدستوري، وكان واضحاً تماماً مدى الانحياز الطبقي في مشروع برنامج عمل الحكومة لصالح قلة متنفذة ومنتفعة من كبار الرأسماليين، وذلك مقابل عدائه الصارخ لمصالح الطبقات الشعبية، واستخفافه بمبادئ العدالة الاجتماعية التي يؤكدها الدستور. وقد أدى هذا النهج الحكومي المتجاهل سياسياً للإرادة الشعبية، والمتعارض في توجهاته الاقتصادية الاجتماعية مع مصالح الغالبية الساحقة من المواطنين، إلى انعدام أي إمكانية لتحقيق أي إنجاز تشريعي منشود أو إحداث إي إصلاح مأمول في حال بقائها في مواقع القرار والمسؤولية، بل لقد تفاقمت الأزمة السياسية في البلاد جراء هذا النهج الحكومي، بحيث أصبح وجود الحكومة الحالية برئيسها ونهجها وتشكيلتها عبئاً ثقيلاً يصعب على البلاد وعلى الشعب تحمله، ومن هنا فإننا نتفهم الاستجواب النيابي الموجه إلى رئيس مجلس الوزراء ونراه مستحقاً، بغض النظر عن موقفنا تجاه بعض المواقف النيابية، ونؤيد المطالبات الشعبية والنيابية المتزايدة بإعلان عدم التعاون معه، ونطالب باستقالة رئيس مجلس الوزراء وبتشكيل حكومة بديلة برئاسة جديدة وبنهج يستجيب للرغبة الشعبية في الانفراج والتغيير والإصلاح وتحقيق متطلبات العدالة الاجتماعية. وفي الختام فإننا نهيب بكل المواطنين وجميع التيارات السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وأعضاء مجلس الأمة إلى التمسك الكامل بالحقوق الدستورية، والدفاع بثبات عن الخيارات الديمقراطية، ورفض أي نزعات مغامرة ودعوات غير مسؤولة تحاول جر البلاد إلى الخروج عن القواعد الدستورية والانقلاب عليها مثلما حدث في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، وكان مصيرها الفشل التام.