يتجاهل بعض من يدعو هذه الأيام إلى خصخصة الأندية الرياضية أن مشكلة الرياضة لدينا ليست في طبيعة الملكية العامة للأندية، بل في سوء الإدارة واستشراء الفساد، واستخدامها، على مرأى من الحكومة، من قبل قوى اقتصادية- سياسية لخدمة مصالحهم الخاصة، وبما يتناقض مع أهدافها العامة.الملكية العامة للأندية الرياضية لم تقف عائقاً أمام تطور الرياضة في ستينيات وسبعينيات القرن المنقضي، عندما كانت الكويت تخطو بثقة نحو الدولة المدنية الحديثة ويطلق عليها "دُرة الخليج"، بل على العكس تماماً، فقد حققنا، آنذاك، المراكز الأولى على مستوى المنطقة، ووصلنا إلى كأس العالم، كما أن الملكية العامة لم تمنع دولة عظمى متقدمة اقتصادياً مثل الصين من حصد الميداليات الذهبية والتفوق في الألعاب الرياضية على مستوى العالم، لهذا فإن التراجع الحاصل في الرياضة في السنوات الأخيرة والصراعات المصلحية المُدمرة التي تدور في الأندية الرياضية هما انعكاس للتراجع العام على المستويات كافة الذي نعانيه منذ سنوات، والناتج عن سوء المنظومة السياسية أو الإدارة العامة التي تعاني، وباعتراف الجميع، جراء استشراء الفساد المؤسسي.الأندية الرياضية لها أهداف اجتماعية غير ربحية، وهو ما يتناقض مع فكرة خصخصتها، إذ إن الخصخصة (بيعها للقطاع الخاص) التي ينادي بها حالياً بعض الأطراف المستفيدة ستُحوّل الأندية من هيئات لا ربحية إلى شركات تجارية تحكمها آليات السوق، وتحتكرها القِلة من أجل تعظيم أرباحها وتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي، كما أن الخصخصة لن تؤدي بالضرورة إلى تحسين الأداء ورفع مستوى الرياضة، إذ إن سوء الإدارة والفساد موجود أيضاً في القطاع الخاص، فضلاً عما يترتب على الخصخصة من مشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية تطرقنا إليها في مقالات سابقة.أما الدعوة، بحسن نية أحياناً، إلى خصخصة الأندية الرياضية تحت حجة أن الأندية الأميركية والأوروبية متطورة لأنها ملكية خاصة (قطاع خاص) فهي دعوة مُتسرّعة مبنية على حجة فاسدة، كما يقول أهل القانون، لأنها تقارن بين وضعين مختلفين تماماً، فالقطاع الخاص في أميركا وأوروبا، مع التحفظ عن تحويل الرياضة من نشاط اجتماعي إلى سلعة تجارية تُباع وتُشترى بحسب آليات السوق، هو، أي القطاع الخاص هناك، قطاع إنتاجي متطور يقوم بوظيفته الاجتماعية من خلال المساهمة في تنمية المجتمع، ويدفع ضرائب تصاعدية على الدخل والأرباح، ومن ضمنها ما يحققه من الأندية الرياضية التي يملكها، ويوفر فرص عمل جديدة، وهو ما يشكل دعماً مستمراً للميزانية العامة للدولة بعكس الوضع هنا، إذ إن القطاع الخاص يعتاش على الإنفاق العام والدعم الحكومي السخّي ولا يدفع ضرائب على الدخل والأرباح أو يوفر فرصاً وظيفية، وهو الأمر الذي يعني خسارة ميزانية الدولة عند خصخصة الأندية الرياضية وتحميلها أعباء إضافية، فضلاً عن أن هناك في أميركا وأوروبا أنظمة ديمقراطية وهيئات رقابية مستقلة، وسوقاً حرة واسعة، وقوانين صارمة تمنع الاحتكار وتُشجع على المنافسة.ما البديل إذن؟ من دون الدخول في تفاصيل ليس هنا مجالها، فإن البديل هو إصلاح شامل لقطاع الرياضة مع الأخذ في الاعتبار ما ذكرناه، مراراً وتكراراً، من أن ذلك لن ينجح أو يحقق نتائج مُرضية، مثلما هو حال إصلاح الاقتصاد أو الإدارة أو التعليم أو الصحة، ما لم يسبقه إصلاح سياسي وديمقراطي جذري وشامل مُلتزم بالدستور وهو ما نحتاج إليه اليوم قبل الغد.بقلم د. بدر الديحاني11 نوفمبر 2015جريدة الجريدة