منذ فترة سابقة على صدور حكم المحكمة الدستورية في يونيو الماضي حول مرسوم الصوت الواحد والحراك يمر في حالة من الركود، حيث كان الشارع (المعارض) يتمنى أن يكون حكم الدستورية في صالحه بحيث يبطل المرسوم ويعود نظام الانتخابات كما كان خمسة دوائر بأربعة أصوات.
لن أدخل في تفاصيل ما حدث بعد أن جاء حكم الدستورية مخالفا لهوى المعارضة فالكل رأى تخلخل كتلة الأغلبية حيث خاض بعض نوابها الانتخابات (أم صوت) والآخر دعا للمشاركة بالتصويت للأصلح تحت شعار ( لا ياكلونّا ..... )!
ولكن الأهم بالنسبة لي هم الآلاف الذين خرجوا في مسيرات كرامة وطن و مسيرات المناطق وشاركوا في الاعتصامات والندوات وعرّضوا أنفسهم لخطر الضرب والاعتقال وغيره، هذه الجماهير العريضة غير المنتمية لأحزاب أو تنظيمات سياسية، هذه الجماهير التي كان همها أن يكون وطنها جميلاً خالياً من الفساد صُوِّر لها أن مشكلتنا هي صوت أو أربعة أصوات "كما صُوِّر لها من قبل أن رحيل رئيس الوزراء السابق هو الحل" فاعتقدت أن الحل سيكون قريباً، فكانت الصدمة شديدة بعد حكم الدستورية خصوصا عندما رأت برود الساسة ممن كانوا يتصدرون الحراك، بل وقبول بعضهم حكم الدستورية كأمر واقع يجبرهم على إنهاء المقاطعة.
نعم لقد بدأ اليأس يدبّ في نفوس هذه الجماهير، وبدأ البعض يحس أن حال البلد لن يُصلح أبداً، وأن الحديث عن محاربة الفساد واصلاح النظام الديمقراطي ما هو إلا قصة من قصص الخيال الجميلة التي دائما تكون نهايتها "وعاشوا في سبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات" .
فهل نيأس ؟
هل نستسلم ؟
هل نرضى بالأمر الواقع ؟
في اعتقادي، إنّنا نحن الذين نصنع الواقع بأيدينا... واليأس كلمة يجب أن تُحذف من قاموس الشعوب، فاليأس لا يتوافق مع منطق الحياة، فما دمنا أحياء فلا وجود لليأس.
ولكن علينا أولاً أن نفهم ونستوعب ونوصل المعلومة لمن لم يستوعب ..
المشكلة ليست عدد أصوات أو عدد دوائر ... وبالتأكيد ليست مشكلة أشخاص يجب تغييرهم، والمشكلة للأمانة ....فينا وفيهم!
فمشكلتهم "السلطة" قلناها مراراً: رفضهم للديمقراطية وعدم احترامهم للدستور وتعطيلهم بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
أما مشكلتنا "الشعب"، فهي أننا لم نستطع حتى الآن أن نجتمع على رؤية أو مشروع واضح يرسم معالم الدولة التي نريد.
فإن كنا جادين بحراكنا علينا أولاً أن ننسى خلافاتنا و نجتمع حول مشروع يوحّد كلمتنا ومَنْ لا يقتنع بهذا المشروع الذي تتفق عليه غالبية القوى عليه أن يبتعد دون تجريح أو تخوين فلا مجاملة على حساب وطننا ومستقبل أبنائنا.
وإني على قناعة تامة أنّ الإصلاح قادم لا محالة...وأنّ الشعوب ليس لها إلا أن تنتصر... وأنّ الفساد لا بد وأن يقهر، وليُكسر قلمي وتُشلَّ يدي إن تبدلت هذه القناعة!