منذ التدفقات الأولى للإيرادات النفطية، دعمت الحكومة الكويتية القطاع الخاص تارة بصورة غير مباشرة عن طريق المناقصات الحكومية أو مشاريع الشراكة القائمة بين القطاعين، و تارة أخرى عبر الدعم المباشر مثل تخصيص الأراضي تقديم الخدمات كالكهرباء و الماء بأسعار رمزية؛ وأحيانا عن طريق ضخ السيولة المالية لدعم كافة الأسواق المالية والقطاع العقاري.وكان يفترض بالقطاع الخاص آن يلتزم بالمسئولية الاجتماعية الملقاة عليه تلقائيا، و لكن ذلك كان أبعد ما يكون عن واقع الحال، فالقطاع الخاص كان وما يزال قطاعاً طارداً للعمالة الوطنية، وغير ملتزم بحس المسؤولية الاجتماعية.وقد تبلور مؤخراً لدى الدولة توجه نحو دفع العمالة الوطنية للعمل في القطاع الخاص، عبر سن حزمة من القوانين تفرض نسبة من العمالة الوطنية على كافة المنشآت التي تمارس أنشطتها داخل دولة الكويت، وعبر تأسيس مظلة قانونية ومؤسسية تحمي مصالح العاملين في القطاع وتشجيعه على الانخراط في سوق العمل عبر هذا القطاع.فكان نتاج هذا التوجه المباشر و الصريح، تأسيس برنامج إعادة هيكلة القوى العاملة و الجهاز التنفيذي للدولة، الذي يقدم حوافز للكويتيين الذين قرروا أن يبتعدوا عن التوظيف بالقطاع الحكومي؛ بما يحمله من امتيازات مالية واستقرار وظيفي، وذلك بتقديم امتيازات مالية مماثلة لما يتقاضاه موظف القطاع العام، وعلى الرغم من النجاح النسبي الذي حققه البرنامج في بداياته، إلا أنّ الروتين الخانق لآليات تطوير البرنامج سمح للقطاع الخاص أن يحقق نجاحات في اختراق قرارات البرنامج، وفي أحيان أخرى تحقيق الاستفادة المباشرة لتلك المنشآت المتجاوزة بتحقيق عوائد مالية مجزية من خلال تلك الاختراقات.ولعلّ واحدة من تلك التجاوزات الصريحة، الاعتماد على تلك المخصصات لدفع رواتب العمالة الوطنية المفروضة عليها، و بلغ الأمر ببعض مؤسسات القطاع الخاص التمادي بحيث تتحين الفرص لتخفيض رواتب عامليها متى أقرت الدولة زيادات في مخصصات العاملين في القطاع الخاص.على الرغم من الاحتياج الدائم لتطوير آليات البرنامج، إلا أنّ الحاجة المباشرة لإقرار سلم رواتب للعاملين الكويتيين في القطاع الخاص، أصبحت ملحة و ضرورية، من أجل إيقاف الاستنزاف الحاد لرواتب العاملين في هذا القطاع، ومن أجل العمل على الحد من ظاهرة الهجرة للعمالة الوطنية إلى خارج القطاع الخاص.إنّ ترك مقدرات الوطن، وحقوق مواطنيه العاملين في القطاع الخاص بيد صاحب العمل، ليس بالأمر المستهجن فقط، بل هو أمر معيب و مشين أيضاً، لقد حان الوقت لأن تتدخل الدولة عبر التحكم المباشر في مصائر العاملين من خلال سن حزم من القوانين، تحمي حقوقهم من السياسيات الطاردة التي ينتهجها أصحاب العمل في القطاع الخاص، عبر آليات عديدة منها الطرد التعسفي و سياسات التجميد الوظيفي، و ندرة توافر فرص الترقي عبر السلم الوظيفي على سبيل الذكر لا الحصر، لقد حان الوقت لأن تُنصر هذه الفئة من العاملين، وأن تكون باكورة هذه النصرة اعتماد سلم رواتب للعاملين في القطاع الخاص.