No items found.
March 2025
9

الحركة التقدمية الكويتية: لابد من وقف أعمال القتل والتنكيل في سورية... ومنع سقوطها في دوامة الحرب الأهلية عبر مشروع وطني تحرري مقاوم

تم النشر بواسطة المكتب الإعلامي
شارك هذا المنشور

لئن كانت صفحة النظام السابق في سورية قد طويت بسقوطه، فإنه بقبض قوى الثورة المضادة على السلطة فقد تعمّقت الأزمة السورية ومعاناة الشعب السوري.

أما الخطاب العقلاني الشكلي فكان موجّهاً للاستهلاك الإعلامي ولتمويه المشروع الرجعي الذي كان في طيّاته متربصاً لآمالٍ تعلق كثيرون بها برجاء أن تستعيد سورية عافيتها وتتجاوز أزمتها، مثلما تجاوزتها بلدان أخرى بالاستناد إلى التجارب المشهودة في المصالحة الوطنية وكذلك بالاستناد إلى مشروع وطني تحرري مستقل ومقاوم،  ليتمكن الشعب السوري بعدها من بناء دولته الوطنية الجامعة على أسس المواطنة الدستورية المتساوية والقيم المدنية والديمقراطية بحيث يحقق أمانيه وتطلعاته المشروعة في العيش الحرّ والكريم وتحرير أراضيه المحتلة والنهوض ببلاده.

مع الأسف أننا نلحظ المشروع المطروح انطلق منذ البداية في مسارات لا تحقق تلك التطلعات الطامحة للشعب السوري، وإنما تسعى لتصفية ما بقي من مكتسبات شعبية بالإضافة لفرض نهج لا يتناسب إلا مع العقلية المتعصبة الضيقة للسلطة الجديدة بطبيعتها كقوى ثورة مضادة بأيدلوجية طائفية إقصائية مدفوعة بنفس إنتقامي لا يضع للعدالة إعتبار، ما مثل أرضية مناسبة لتلك الممارسات البشعة التي نراها اليوم تحصد أرواح الأبرياء في سورية...وما كل تلك الصيغ الشكلية وغير المنتجة كالتي أنتجها "الحوار الوطني" إلا لشرعنة نهج الإنفراد... والتراخي الملحوظ تجاه الانتهاكات ضد حياة وكرامة وحقوق أقسام من المواطنين لا يبرئه الانكار بتسميتها ممارسات فردية... وانتهاج المسلك الأمني تحت ذريعة ملاحقة "فلول النظام السابق"، التي تحوّلت إلى حملات انتقام وقتل وتنكيل وملاحقات منفلتة على الهوية ليس إلا إعادة لإنتهاج النظام القمعي الإستبدادي بشكل آخر...وذلك  كله في الوقت، الذي نشهد فيه بالمقابل تغاضياً عن اتخاذ موقف جدي تجاه التوغل الصهيوني في الأراضي السورية، الذي تجاوز الجولان المحتل ليمتد أكثر نحو  تثبيت احتلال منطقة جبل الشيخ وما يسمى المنطقة العازلة لوقت غير محدود، وتحويل محافظات القنيطرة ودرعا والسويداء في جنوبي سورية إلى مناطق منزوعة السلاح، ما يثير الشكوك بأن هناك تناغماً ما بين ما يحصل في سورية وما يسعى لتحقيقه العدو الصهيوني من أهداف لصالح مشروعه الإمبريالي.

والأنكى أنّه قد صدرت قرارات بتسريح مئات آلاف المواطنين السوريين من الجيش والمؤسسات العسكرية والأمنية ومن الخدمة المدنية بذريعة تصفية النظام السابق، وذلك بدلاً من اقتصار الأمر بحدود استهداف المسؤولين في النظام السابق تحقيقاً للعدالة الإنتقالية التي تستخدمها السلطة الجديدة كسيف مصلت على رقاب جميع السوريين، وهذا السلوك قد دفع أقساماً واسعة من المواطنين السوريين نحو  الفاقة والحرمان، فيما لا يزال معظم العقوبات الاقتصادية الجائرة التي أصدرتها الولايات المتحدة الأميركية والغرب ضد سورية بزعم أنها موجهة ضد النظام السابق فما زالت مستمرة رغم سقوطه، ما يعني أنها موجّهة ضد الشعب السوري نفسه، ولمصلحة المخططات الإمبريالية التي تسعى قواها لاستخدام العقوبات لفرض المزيد من الضغوط والشروط على سورية، ناهيك عما تسببت فيه هذه العقوبات الجائرة ولا تزال من ضغوط قاسية ومعاناة في حياة السوريين.

وإزاء هذه الأوضاع والتعقيدات والتوجهات فقد تعمّقت الأزمة بدلاً من أن تعالج وتُحلّ...وزاد الطين بلّة إقحام سورية في دوامة الاقتتال الأهلي، وما يرد من معلومات ومشاهد مؤلمة عن عمليات القتل والانتقام والتنكيل تجاه المواطنين السوريين في الساحل، الذين لا يجوز تحميلهم جميعاً مسؤولية ممارسات النظام السابق ولا المسؤولية عما تقوم به أي مجموعات تحت أي عنوان، بل لابد من الانتباه إلى أنّ مثل هذه الممارسات هي التي ستخلق بيئة حاضنة للأطراف التي تضمر الشر لسورية وشعبها وللأمة، وهي التي ستكون المنفذ لتمكين الدول الإمبريالية والكيان الصهيوني من استغلال الوضع لتكريس الهيمنة وتبرير التدخل العدواني في الشأن السوري.

وفي الختام، فإننا في الحركة التقدمية الكويتية قد حذرنا مراراً وتكراراً من محاولات إعادة إذكاء حروب الإرهاب والطائفية التي تمزق أمتنا وتدمر أوطاننا، ونتوجّه إلى قوى الشعب السوري الحية والوطنية إلى ضرورة توحيد الصفوف والجهود لمنع دفع سورية نحو السقوط في دوامة الحرب الأهلية وطرح مشروع وطني تحرري مقاوم بديل في مواجهة مشاريع التقسيم والتفتيت الإمبريالية والرجعية.

٩ مارس ٢٠٢٥