وليد الرجيب: قوانين تمييزيّة.
تداولت الصحافة الكويتية اقتراحات لحل بعض المشكلات والتي تحولت الى أزمات، مثل الاختناقات المرورية التي لم تعد تطاق، بل وتُعطل كثيرا من الموظفين والعاملين وتسبب تأخرهم عن مقار أعمالهم، وخاصة تلك المتعلقة بانجاز معاملات جمهور المراجعين وبعض المهن الحساسة، ومشكلات أخرى مثل الضغط الهائل من المراجعين المرضى على المستشفيات والعيادات الخارجية، ومشكلات تفاقم أعداد الوافدين والعمالة حتى أصبحت ضعف عدد السكان من المواطنين تقريباً.واقترحت بعض الوزارات اصدار قوانين لحل هذه المشكلات وغيرها، بكثير من التخبط وعدم الدراسة المتأنية بل بعدم الحصافة، ناهيك على أنها قوانين تمييزية ضد الوافدين، والتي تخالف نصوص الدستور مثل المادة 22 منه التي تنص على أن «ينظم القانون على أسس اقتصادية مع مراعاة قواعد العدالة الاجتماعية العلاقة بين العمال وأصحاب العمل وعلاقة ملاك العقار بمستأجريها».فالقانون أو القرار الذي اقترحته وزارة الصحة لتخفيف ضغط مراجعة المرضى على العيادات الخارجية من خلال تخصيص فترة الصباح للمراجعين الكويتيين وفترة المساء للمراجعين الوافدين، هو قرار تمييزي وغير عادل ولا انساني، ويخالف مبادئ مهنة الطب وقسم أبو الطب «أبوقراط» في تقديم الخدمات الطبية والعلاجية بغض النظر عن طبيعة الانسان وجنسه وعرقه وعدم افشاء أسرار المريض وغيرها من الالتزامات التي تجعل من المعالجة الطبية عملاً انسانياً خالصاً لا تمييز فيه، وكذلك القسم الطبي حسب المؤتمر العالمي الأول للطب الاسلامي وميثاق الشرف النقابي العربي اللذان يتوازيان مع القسم الأصلي.هذا القرار التي تنوي وزارة الصحة تطبيقه اضافة الى أنه مخالف لمواد الدستور ومبادئ العدالة الاجتماعية التي لا تفرق بين المواطن والوافد، هو قرار لا انساني وخاصة أن عدد المراجعين الوافدين أكثر من المراجعين المواطنين، كما أن ساعات تقديم الخدمات في العيادات الخارجية هي أقل في ساعات بعد الظهر منها في ساعات الصباح.وهناك قرارات تمييزية أخرى تمارسها وزارة الصحة، فهناك أدوية لا تصرف للوافدين رغم أهمية بعضها لحفظ حياتهم، وتصرف فقط للمواطنين، ويبدو أن الأطباء الشرفاء والمخلصين لشرف مهنتهم الانسانية يرفضون مثل هذه القرارات، ويستقبلون جميع المرضى بغض النظر عن أصلهم أو جنسياتهم أو طبيعة أعمالهم، وهو موقف شجاع ونزيه وانساني.كما صرحت وزارة الداخلية أنها تنوي رفع رسوم خدمات المرور مثل الحصول على اجازة سوق أو تجديدها أو تسجيل مركبة..الخ على الوافدين الفقراء، على اعتبار أن هذا الاجراء حل لمشكلة الاختناقات المرورية، وهو أيضاً يعتبر قراراً تمييزياً ضد الوافدين. وأيضاً أثار مقترح وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل بتحديد سقف زمني للعمالة بين 5 و10 سنوات كحل لتضاعف أعداد الوافدين، والذي أثار موجة استياء واسعة في الأوساط التجارية والتربوية والصحية التي وصفته بأنه اقتراح غير مدروس ويفرغ البلد من العمالة الماهرة، ويبدو أن المواطنين أكثر حصافة من الحكومة ومن مجلس الأمة الذي لم يتصد لمثل هذه الاقتراحات التمييزية.وعلى حد تعبير الدكتور فواز فرحان في محاضرته «تراجع الحريات في الكويت وفقاً للتقارير الدولية» التي قدمها الأسبوع الماضي في ديوانية التيار التقدمي الكويتي، حيث شخص المشكلة بأن الكويت تتعامل مع العَرَض وليس مع المَرَض، وهو تشخيص صحيح اذا ما نظرنا الى سيادة الحلول الترقيعية على الحلول الجذرية للمشكلات.فالأصل في المشكلات هو سوء الادارة وتفشي الفساد في كل أركان الدوائر الحكومية، فنقص المستشفيات والمؤسسات العلاجية الحكومية ونقص الأسرة فيها وتهالك الموجود منها، هو الذي يحتاج الى حل جذري، وكذلك الاختناقات المرورية سببها غياب المواصلات الجماعية المتطورة وسهولة حصول أي عامل على اجازة سوق من خلال دفع رشوة، ناهيك عن تردي الطرق التي لم تطور منذ سنوات طويلة، كما أن تضاعف أعداد الوافدين وخاصة العمالة الهامشية والسائبة سببه التراخي في معاقبة تجار الاقامات والاستقدام غير المدروس لهذه العمالة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.comمنقول عن جريدة الراي تاريخ 01\04\2013 العدد:12327