وليد الرجيب: لماذا هوغو؟
رحل يوم الثلاثاء الماضي 5 مارس الجاري الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، بعد صراع مع مرض السرطان حيث دام حكمه أربعة عشر عاماً، أثار خلالها كثيراً من الجدل في العالم باتباعه أساليب غير تقليدية في الحكم، حتى وصل هذا الجدل إلى مثقفي عالمنا العربي، وقد شيعت جموع غفيرة جثمانه في العاصمة الفنزويلية.و«الكومنداتي» شافيز أصبح في عام 1998م أصغر رئيس في تاريخ فنزويلا، عمل خلالها على تقدم بلاده وتحسين معيشة أبناء شعبه بعدما أمم شركة «بي دي في إس إيه» الوطنية للبترول، ولم يسمح للشركات الأجنبية باستغلال ثروات بلاده الهائلة، بل ناصب العداء للإمبريالية الأميركية والغربية وناصر الشعوب وقضاياها للتخلص من الاستبداد بما فيها قضية الشعب الفلسطيني.ومنذ بداية حكمه ضخ ما يقارب 400 مليار دولار أميركي من عائدات النفط في مشاريع ذات فائدة مباشرة للناس واستخدامها في البنى التحتية والاستثمار في خدمات اجتماعية، فخلال العقد الأخير ارتفعت زيادة الإنفاق الاجتماعي بنسبة 60.6 في المئة ليصل إلى إجمالي نحو 772 مليار دولار.وتشير البيانات بشأن المحددات الاجتماعية للصحة والفقر ومستوى التعليم والمساواة والوظائف والرعاية الصحية والأمن الغذائي والدعم الاجتماعي إلى ارتفاع مضطرد وملحوظ، إذ تشير تقارير اليونسكو إلى أن الأمية قد تم القضاء عليها تماماً في فنزويلا التي تحتل المرتبة الثالثة في أميركا اللاتينية من حيث الاقبال على القراءة، فالتعليم مجاني من الحضانة وحتى الجامعة، ويحتل الشعب الفنزويلي مع شعب فنلندا المرتبة الخامسة في قائمة أكثر الشعوب سعادة.وقد حققت فنزويلا في عهد شافيز أكبر نسبة انخفاض في معدل الفقر منذ عامي 1996 و2010م، فبين عامي 1998 و2007م ارتفع مؤشر التنمية البشرية في فنزويلا ارتفاعاً كبيراً، فقفزت ميزانية التعليم من 2.7 في المئة إلى 7 في المئة من الدخل القومي، وفي عام 1998م بلغت نسبة الفقر 49 في المئة، ثم أتى شافيز وأرسى أسس عملية التغيير فانخفض معدل الفقر إلى 26.4 في المئة.وفي عهده تم تحديد الحد الأدنى للأجور بما يعادل 476 دولار أميركي والذي يعتبر الأعلى في أميركا اللاتينية بعد الأرجنتين بعدما كان يقل عن 200 دولار قبل الثورة، كما انخفض معدل البطالة من نسبة 10.5 في المئة عام 1999م إلى 6.1 في المئة في عام 2008م، إضافة إلى ارتفاع نسبة السكان الموصولين بشبكات الصرف الصحي من 62 في المئة عام 1998م إلى 82 في المئة عام 2007م، وارتفعت نسبة السكان الموصولين بشبكة مياه الشرب من 80 في المئة عام 1998م إلى 92 في المئة عام 2007م علماً بأن فنزويلا لم تتأثر بالأزمة الاقتصادية الرأسمالية العالمية.وحظي هوغو شافيز بحب الملايين من شعبه وإعجاب الملايين من شعوب العالم، وخاصة أنه وقف موقفاً حازماً ضد استغلال الدول الرأسمالية للشعوب، وضد الحروب العدوانية الأميركية لنهب ثروات الدول، ولم يسمح لأميركا أن تعتبر فنزويلا حديقة خلفية لواشنطن.ولكن يؤخذ على شافيز ما يؤخذ على بعض اليسار في العالم في حصر صراع الدول مع الإمبريالية بغض النظر عن علاقة أنظمة هذه الدول بشعوبها، فناصر القذافي وأحمدي نجاد وبشار الأسد على اعتبار أنهم يعادون ويقاومون الإمبريالية الأميركية، وقد تلقى شافيز أخيراً رسالة عتب قاسية من القوى المعارضة الإيرانية بسبب مناصرته للنظام الإيراني دون النظر إلى ما يعانيه الشعب الإيراني من تكميم للحريات وقمع وسجن للمعارضين، وهذا ينطبق على القذافي والأسد وغيرهما من الديكتاتوريات في العالم، وهو قصور في التحليل لا نعلم متى يتخلص بعض اليسار منه.
وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
منقول عن جريدة الراي تاريخ 093\2013 العدد:12304