وليد الرجيب: خطر اليسار الكويتي كما تراه الدوائر الاستخباراتية.
يصادف اليوم 9 نوفمبر مرور ستين عاماً على التقرير الصحافي الذي نشرته مجلة «نيوزويك» الاميركية في عددها الصادر يوم 9 نوفمبر 1953م، عن تنامي دور اليسار في الكويت ما أثار قلق القنصلية الاميركية حينذاك حيث وجهت مذكرة إلى وزارة الخارجية في واشنطن ويحمل عنوان: From American consulate (Symmes) to Department of state، November 16، 1953، تتناول فيها ما نشرته «نيوزويك» في تقريرها الذي كان يتحدث عن انتقال «مركز اهتمام النشاط الشيوعي إلى الكويت»، ويورد التقرير الصحافي خبراً عن مشاركة شخص يحمل اسماً رمزياً ليمثّل «اتحاد عمال الكويت»، عندما كان تنظيماً نقابياًً غير علني في المؤتمر الثالث للاتحاد العالمي للنقابات الذي عقد في فيينا النمسا في أكتوبر 1953.ويشير تقرير القنصلية الاميركية أن تعاوناً يدور بين دائرة الأمن العام في الكويت مع ممثلي القنصلية والوكيل السياسي البريطاني وشركة نفط الكويت «K.O.C» وشركة الزيت الأميركية المستقلة «أمينوأويل» لمناهضة «النشاط الشيوعي في الكويت».وتمت ترجمة ما نشرته «نيوزويك» إلى اللغة العربية وتقديمه إلى مدير دائرة الأمن العام في الكويت، مع توصية لاستقدام مستشار بريطاني لمكافحة هذا النشاط، وهذا ما تم في ديسمبر 1953 عندما اُستقدم ضابط الأمن البريطاني «كوتس» الذي سبق أن عمل لمدة 24 عاماً ضابطاً في البوليس السوداني، ليعمل مستشاراً لدائرة الأمن العام في الكويت.والشيء بالشيء يذكر، إذ اطّلعنا جميعاً بعد تحرير الكويت على سلسلة من وثائق السفارة الاميركية التي جمعها ورتبها الطلاب الإيرانيون الذين كانوا يحاصرون السفارة عام 1979 بطهران، في ما سمّي بـ «أزمة الرهائن الاميركان» أثناء الثورة الإيرانية بعد اقتحامهم لمبنى السفارة، وأعادت «الوكالة العالمية للتوزيع» تعريبها ونشرها عام 1990، كما توجد نسخة إنجليزية عن الوثائق والمستندات، في كتاب يحمل عنوان «تدخلات أميركا في البلدان الإسلامية الكويت (201)».وفي هذا الكتاب ومن خلال الوثائق التي تذكر فيه الاستخبارات الاميركية تحت بند تأثير اليسار في الكويت: «يشير رئيس نقابة عمال البترول «فرج» وزملاؤه في إشارة إلى القائد النقابي الراحل ناصر الفرج- غالباً إلى النظريات اليسارية، خاصة خلال احتفالات الأول من مايو وهم يسافرون كثيراً إلى اجتماعات العمال الشيوعيين المختلفة، فهل حكومة الكويت مهتمة بهكذا نشاط؟ وتجيب الحكومة (من خلال الوثائق): «نحن نعرف أن السفارات الأجنبية (السوفيتيية وغيرها) مرتبطة مع «فرج» ورفاقه، لكننا نراقبهم بشكل دقيق ولا نرى ضرورة للقلق، وتمضي الاستخبارات الامبريالية بالقلق متسائلة:» حتى لو أن الرعاية الشيوعية لزعماء العمال الكويتيين مراقبة بدقة، هل يمكن أن يحصل تفشّ ذاتي للشعور المناهض؟».وقرأنا جميعاً أنه قد جرت حملات شديدة في الكويت على اليساريين والشيوعيين والتقدميين الكويتيين أواخر الخمسينات بإيعاز من الدوائر الاستخباراتية الاميركية - البريطانية، فقد تشكلت «جمعية مكافحة الشيوعية» شارك في عضويتها شخصيات وطنية بارزة، أدت إلى إبعاد الآلاف بتهمة الشيوعية، وسجن بعض الكويتيين من تنظيم «العصبة الديموقراطية»، وشنّت الصحف الكويتية مثل «الشعب» و«الفجر» حملات تحريضية ضد اليساريين خصوصا في العام 1959، معتبرة الشيوعية خطراً يهدد الكويت.ماذا يعكس لنا هلع الدوائر الاستخباراتية البريطانية والاميركية من اليسار الكويتي ومنذ ستين عاماً؟ ولماذا ما زال العداء والتشويه مستمرين للفكر اليساري والتقدمي، رغم أن الخطورة تأتي كما نعلم من جهات وخلايا إرهابية ظلامية، أظنه يعكس قوة اليسار الكويتي وتاريخه النضالي الطويل، وكذلك يعكس قوة الحركة النقابية عندما كانت تحت تأثير الأفكار اليسارية والتقدمية، ولذا انصبت جهود الدوائر الاستخباراتية الاميركية البريطانية على مراقبة والتحذير من نشاط ومن نشطاء الحركة التقدمية الكويتية، ولم تلتفت إلى أي فكر أو تنظيم سياسي آخر يمكن أن تعتبره يمثل خطراً أو بعبعاً يهددها كدول عظمى، سوى اليسار الكويتي المخلص لقضايا شعبه والواضح في خطه السياسي والنضالي الجماهيري والمنسجم مع مبادئه عبر تاريخه الطويل، ويعكس كذلك عدم فهم الكثيرين نتيجة لحملات التشويه المتعمّد للفكر التقدمي واليساري.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_____________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 09\11\2013 العدد:12549