أسامة العبدالرحيم أمين عام الحركة التقدمية الكويتية يكتب في مجلة الهدف الفلسطينية: نكبة العرب في ذكراها الخامسة والسبعين
قبل أيام حلّت الذكرى الخامسة والسبعون لأحد أكبر الجرائم التي عرفتها البشرية في العصر الحديث عندما قامت الحركة الصهيونية بتواطؤ كامل مع الإنتداب البريطاني والإمبريالية العالمية باغتصاب أرض فلسطين العربية وتشريد شعبها وحولتهم إلى لاجئين أصبحوا الشاهد الحي على تلك الجريمة الكبرى بحق الإنسانية، التي ما زالت آثارها متواصلة حتى يومنا هذا.
منذ ذلك الحين سعت الحركة الصهيونية؛ وهي حركة عنصرية رجعية عدوانية وتوسعية، ممثلةً بالكيان الصهيوني الغاصب إلى تصفية قضية اللاجئين، والقضاء على الهوية الجماعية للشعب الفلسطيني، وتمزيق وحدته السياسية في محاولة بائسة للقضاء على تطلعاته المشروعة في استعادة حقوقه الوطنية في الحرية والعودة والاستقلال.
وعلى الرغم من شراسة العدوان الذي تعرض له الشعب العربي الفلسطيني على مدى التاريخ إلا أنه بقي صامداً بكل شموخ وإصرار على خوض مسيرته الكفاحية ولم يتوان عن تقديم التضحيات الجسام في سبيل نيل حقوقه العادلة.
إن القضية الفلسطينية ليست قضية الفلسطينيين وحدهم، والنكبة ليست نكبة الفلسطينيين وحدهم بل نكبة لجميع العرب وأحرار العالم، فالخطر الصهيوني لا يطاول الفلسطينيين وحدهم، وإنما يستهدف جميع العرب، سواء كان خطر الكيان الصهيوني الاستيطاني التوسعي الغاصب المزروع على الأرض العربية كقاعدة متقدمة للهيمنة الإمبريالية على المنطقة، أو ما تمثله الحركة الصهيونية العالمية كحركة عنصرية عدوانية رجعية تستهدفنا كشعوب وبلدان عربية بمخططاتها وبمؤامراتها وبتحالفها مع القوى الإمبريالية المهيمنة لإحكام قبضتها على منطقتنا وبلداننا ومواصلة نهب مواردنا وتعطيل طاقات مجتمعاتنا وتفتيت بلداننا، بحيث يتسيّد الكيان الصهيوني وتتكرس التبعية أكثر فأكثر للمركز الإمبريالي العالمي.. وبالتالي فإننا كشعوب عربية مستهدفون ومعنيون بمواجهة الخطر الصهيوني.
فمنذ أن وطأ الإستعمار وطننا العربي، ومزّق بلداننا، وفرّق شعوبنا، وأوهن قوانا، ونهب ثرواتنا، واختلق الكيان الصهيوني وزرعه عنوةً في الأرض العربية ليتولى القيام بدوره الوظيفي التآمري في خدمة الهيمنة الإمبريالية، وهذا ما يؤكد حقيقة أنّ الصراع مع الصهيونية لا يمكن أن ينفصل عن الصراع مع الإمبريالية، وإنّ تحرير فلسطين مرتبط بالضرورة بتحرير شعوبنا وتحرر بلداننا وتضامنها ووحدتها.
وعند حدوث أي مشكلة في العالم نجد القوى الامبريالية والأمم المتحدة والدول الغربية بأجهزتها الإعلامية وحكوماتها تصيح، كما حصل مع الصين في فترة كورونا وحصل في الحرب الروسية الأوكرانية على سبيل المثال، ولكن عند الوصول إلى فلسطين المحتلة نجد التناقض الفاضح بدعم الكيان الصهيوني في ظل التخاذل المخزي لدولنا العربية وتواطؤ بعضها وتآمرها مع الصهاينة.
إن تراكم جرائم الكيان الصهيوني الأخيرة وصمود شعبنا الفلسطيني وتضحياته ومقاومته للاحتلال تعكس أزمة داخلية وجودية لهذا الكيان الغاصب من جهة، وتقهقر الإمبريالية الأمريكية بالتبدلات السياسية الدولية لعالم ما بعد القطب الواحد الذي كان يخدم هيمنة الصهاينة من جهة أخرى، وهنا نلاحظ تطور قوى المقاومة من الحجارة إلى الصواريخ مما يفرض على شعوبنا العربية وقواها التحررية بل ويفرض على كل قوى التحرر في العالم دعم مقاومة وصمود الشعب الفلسطيني.
في ذكرى النكبة نستذكر شهداء القضية الفلسطينية ونجدد حملات المطالبة بتحرير الأسرى وبضرورة دعم صمود الفلسطينيين واسناد المقاومة، وكذلك التصدي لأي شكل من أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب، و رفض أي محاولة لتصفية القضية، بالإضافة لفضح جرائم الكيان الصهيوني ومقاطعته وفرض طوق من العزلة عليه لتقوية المقاومة وخنق الصهاينة المحتلين.
وفي الختام نؤكد على تضامننا مع الشعب العربي الفلسطيني الصامد، ودعمنا للمقاومة الفلسطينية الباسلة في مواجهة الاحتلال، وتلقينه ما يستحق حتى دحره وتحرير كل التراب الفلسطيني وإقامة الدولة الفلسطينية الحرة المستقلة وعاصمتها القدس.
عاشت فلسطين.
الخزي والعار للصهاينة المجرمين وحماتهم الامبرياليين.
الحرية للأسرى والأبطال.
المجد والخلود للشهداء.
مقالة منشورة في مجلة الهدف الفلسطينية ذات التوجه اليساري لعددها الصادر في شهر يونيو/ حزيران ٢٠٢٣م