مقال للزميل مرزوق النصف تحت عنوان "تقييم الأداء الاقتصادي للإخوان في مصر".
بقلم: مرزوق النصف*
يُشار إلى الاقتصاد كأحد أهم الأسباب التي غذت الغضب الشعبي في مصر ضد الرئيس محمد مرسي، وهو ما يعني أن تحليلا للأوضاع الاقتصادية المصرية قد يكون مفيدا في فهم الأحداث الأخيرة، والأهم أن هذا التحليل قد يكون مفيدا للوصول إلى حكم موضوعي حول نجاح الإخوان المسلمين كحزب في الحكم. ويبدو أن تقييم الإخوان على أساس نجاحهم في تنفيذ برنامجهم الرئاسي معيار مقبول، وهذا التقييم هو هدف المقال.
نستذكر بداية أن برنامج الإخوان الرئاسي سُمي بـ«النهضة»، وشعاره «نهضة مصرية... مرجعية إسلامية»، وحجمه 79 صفحة تغطي السياسة المحلية والخارجية والاقتصاد وقضايا متنوعة، كالبيئة والمرأة وذوي الاحتياجات، وقد أنفق الإخوان جهدا كبيرا في ترويجه. والبرنامج مفصل نسبيا، خصوصا في قسمه الاقتصادي الذي يحوي أهدافا محددة بالأرقام، وهذه الأهداف هي التي سنستند إلى بعضها في تقييم أداء الإخوان الاقتصادي.
نمو الإنتاج
ومن المنطقي النظر أولا إلى أحد أهم المؤشرات الاقتصادية في أي دولة، أي الناتج المحلي الإجمالي، أو حجم الاقتصاد، حيث وضع الإخوان في برنامج النهضة هدف «الانتقال من معدل نمو %1.8 إلى %7 متوسط معدل نمو سنوي للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، بما يسمح بمضاعفته خلال السنوات العشر الأولى»، ويبدو أن نسبة %1.8 مذكورة كونها نسبة نمو الاقتصاد عام 2011، وهي نسبة نمو استثنائية في انخفاضها، وبالتالي ليست أساسا جيدا للمقارنة في برنامج اقتصادي.
على أي حال تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن الاقتصاد نما بنحو %2.2 فقط عام 2012، ويُتوقع انخفاض نسبة النمو عام 2013 لنحو %2، وهاتان النسبتان أقل من متوسط نمو الاقتصاد المصري في السنوات الخمس السابقة لثورة يناير، أي في الأعوام 2006-2010، والبالغ نحو %6.2، في إشارة إلى سوء الأوضاع الاقتصادية الراهنة، وإلى أن اتجاه النمو الاقتصادي يبتعد عن الهدف المحدد في برنامج النهضة.
مؤشر التضخم
ويمكن النظر إلى مؤشر آخر لتقييم أداء الإخوان في الرئاسة، وهو مؤشر التضخم، أي ارتفاع الأسعار، حيث يحدد برنامج النهضة هدف «خفض معدل التضخم الحالي الذي يتجاوز %11 سنويا، ليصبح أقل من نصف معدل النمو السنوي»، أي خفض النسبة إلى %5.4 على الأقل. وآخر البيانات المتوافرة من البنك المركزي المصري للفترة ما بعد ثورة يناير 2011 تشير إلى أن التضخم كان باتجاه الانخفاض منذ فبراير 2012، عندما كانت نسبته %9.1، وذلك قبل شهور خمسة من تسلم د. مرسي للرئاسة، وحتى نوفمبر 2012 عندما بلغت نسبة التضخم %4.3 بعد شهور أربعة من تسلم الرئاسة، لكن ابتداء من الشهر الخامس، أي ديسمبر 2012، ارتفعت نسبة التضخم تدريجيا حتى بلغت %8.2 في مايو 2013، أي أن أداء الإخوان مع التضخم فيه إيجابيات، لكنه أداء غير مستقر، ومشوه بأزمتي الوقود والغاز وغيرهما.
أما المؤشر الثالث الذي يمكن النظر إليه فهو البطالة، والتي يحدد برنامج النهضة هدف خفضها «إلى أقل من %7 بحلول عام 2016»، إلا أن بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر تشير إلى عدم تحقق هذا الهدف، حيث ارتفعت البطالة لنحو %13 في الربع الرابع من عام 2012، ونحو %13.2 في الربع الأول من عام 2013، علما بأن هذه النسب مصدرها حكومي، وقد تكون أقل من نسب البطالة في الواقع.
وهناك عدة مؤشرات أخرى يذكرها برنامج النهضة، يمكننا النظر إليها، مثل وضع احتياطي العملة الأجنبية، وعجز الموازنة والدين العام الداخلي والخارجي، والتي في المجمل لا تشير إلى تحقق أهداف برنامج النهضة، مع الانتباه إلى أن سنة واحدة تعتبر فترة قصيرة وغير كافية لتقييم الأداء الاقتصادي لأي حزب، كما أن هناك عوامل غير اقتصادية محلية ودولية تؤثر في الاقتصاد إيجابا وسلبا، وقد تكون تحت سيطرة الحزب الحاكم أو خارجها.
مع ذلك يبقى الاستنتاج أن بعض أهم الأهداف الاقتصادية في برنامج النهضة لم تتحقق في السنة الأولى من حكم الإخوان، كما أن اتجاه تطور المؤشرات لا يشير بشكل واضح أن الأهداف ستتحقق كاملة حتى خلال أربع سنوات رئاسية.
*باحث اقتصادي و عضو في التيار التقدمي الكويتي
منقول عن جريدة القبس تاريخ 12\07\2013 العدد:14411