القوى الوطنية والتقدمية: رفض تام للاتفاقية الأمنية الخليجية
كتب محرر الشؤون المحلية:تصاعدت وتيرة الاحتجاجات الشعبية المعارضة والمنددة للتوجهات الرامية لإقرار الاتفاقية والأمنية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي العربية التي حررت بتاريخ 13 نوفمبر 2012 ووقعتها الكويت.
ومن دون الدخول في تفاصيل بنود هذه الاتفاقية، المكونة من 20 مادة، والتي من الواضح أنها تستهدف بصورة مباشرة مواطني دول الخليج العربي، والتضييق عليهم، فإن القبول بهذه الاتفاقية وشرعنتها وإقرارها من قِبل مجلس الأمة، يمثل مخالفة صريحة وكبيرة للدستور، وتعديا عليه، وخصوصا أن الحكومة تسعى من خلالها إلى تقويض المكتسبات الدستورية التي فشلت في النيل منها في أوقات سابقة.
القوى الوطنية والديمقراطية والتقدمية بدورها لم تقف مكتوفة الأيدي أو متفرجة تجاه هذا الأمر، بل بدأت بالتنسيق في ما بينها لمواجهة تداعيات هذه الاتفاقية، بهدف التحرُّك الفعلي لإجهاض أي خطوات من قِبل الحكومة لإقرارها.
ضغوط خارجية
بندر الخيران
فقد رفض الأمين العام للمنبر الديمقراطي الكويتي، بندر الخيران، قبول الاتفاقية الأمنية، مؤكداً أنها تتعارض مع مبادئنا ونصوصنا الدستورية، وخصوصا لو أخذ في الاعتبار أن أغلب دول الخليج لا تعمل وفق أنظمة ديمقراطية، وقد يصنع ذلك مشاكل كبرى غير مرغوب فيها بين دول الخليج وشعوبها، مشيراً إلى أنه من الواضح أن هناك ضغوطاً خارجية على الكويت لإقرار الاتفاقية.
وزاد الخيران: الاتفاقية على الصعيد الداخلي مرفوضة، سواء على مستوى القوى السياسية أو المجتمع المدني بجانب الشارع الكويتي، منوها أن هناك تصريحات لمسؤولين حكوميين تشير إلى تعارض بعض مواد الاتفاقية مع الدستور، قائلاً: نحن مع الأمن ومع الاستقرار وتعاون الدول في ما بينها، ولكن يجب أن يكون ذلك في إطار القوانين والحريات العامة والخاصة للمواطنين، ومن قبلهما وجود دستور ديمقراطي.
وفي ما يتعلق بتتبع وتبادل المجرمين، أشار الخيران إلى هناك اتفاقيات دولية تقر مع دول مختلفة في شتى أنحاء العالم تنظم قضية تبادل المجرمين والذين صدرت ضدهم أحكام «وفقا لمعايير حقوق الإنسان الدولية»، أما ما يحدث من خلال الاتفاقية الأمنية، فإنه عبث وضرب لحريات الشعوب واستقرارها، وهذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلاً.
ورأى الخيران أن القضية بحاجة إلى تصعيد أكبر من الإدانة والرفض، ولابد أن تكون هناك مواجهة ضد محاولة تمرير الاتفاقية، ولا سيما أن القضية طرحت أكثر من مرة في أوقات مختلفة، ما يفسر تلك الضغوط التي تمارس، مضيفاً: لا نرى وجود أي داع لتوقيع الاتفاقية، فالعلاقة بين دول الخليج مميزة ومبنية على الإخاء والترابط التاريخي ووحدة العادات والتقاليد والمصير، فدول الخليج ليست بحاجة إلى تكييف هذه العلاقة من جديد وإعادة رسمها بصيغة أمنية، لذلك أكرر بأنه ليس هناك أي حاجة لاتفاقية أمنية بهذا الشكل.
واعتبر الخيران أن الإشارات الحكومية التي تشير إلى أن الاتفاقية تحترم خصوصية تشريعات الدول «كلام مأخوذ خيره»، مؤكداً وجود تناقض بين التشريعات الكويتية وبنود هذه الاتفاقية، واصفاً التناقض بأنه واضح كوضوح الشمس، حتى في أمر تفسير الجريمة، ضارباً مثالاً بحرية الرأي، قائلا غن هناك دولة تعد حرية الرأي والتعبير جريمة تدخل تحت طائلة العقاب، وأخرى – كالكويت – تعد حرية الرأي سلوكا ومكسبا دستوريا، متسائلا: مَن يفسر ذلك؟ ومن القادر على فك الاشتباك بين الجريمة والسلوك كمثال بسيط؟
واستغرب الخيران توقيت محاولة تمرير هذه الاتفاقية، قائلا: في الوقت الذي ينشغل فيه المواطن بالاحتفال بالأعياد الوطنية، نرى المحاولات القوية والمستميتة لتمريرها واستغلال انشغال المواطنين بأعيادهم، مختتما حديثه بقوله: كل تلك الأمور تعطينا مبررا قويا للقلق، وتدفعنا بثبات لرفض مشاريع غير واضحة المعالم، ولا داعي لكي تختلف الكويت مع شعبها، بسبب تلك الاتفاقية المثيرة للجدل.
تناقض صريح
عادل الفوزان
من جهته، أعرب أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي، عادل الفوزان، عن رفضه للاتفاقية الأمنية، قائلا: نحن ضد توقيع اتفاقية بمثل هذا النوع، كونها لا تخدم المجتمع الكويتي، الذي يتميَّز بأن له إرثا كبيرا من المكتسبات الدستورية، بجانب هامش الحرية الذي يتمتع به على صعيد حرياته الخاصة وسلوكه الذي يتعارض مع نصوص الاتفاقية.
وأضاف: كل هذا يأتي بجانب المثالب التي وردت ببنود الاتفاقية، والتي تتناقض صراحة مع الدستور الكويتي، قائلا: لهذه الأسباب لم نكن مع الاتفاقية عندما طرحت في التسعينات، ورفضناها، وسنستمر في رفضها، على الرغم من وجود اختلاف في بعض التفاصيل بين النسختين.
وأرجع الفوزان الهجمة القوية التي تشنها المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعي ضد الاتفاقية إلى ما أسماه بخوفهم على حرياتهم، واصفاً ردود فعل الشارع بالطبيعية، ولاسيما عندما يعرف المواطن أنه من خلال الاتفاقية سيتاح للأجهزة الأمنية تتبع المطلوبين في الدول الأعضاء، وإلقاء القبض عليهم، ضاربة بالعرف الذي جُبل عليه الشعب في مقتل.
واعتبر الفوزان التصريحات الحكومية وكل ما يُقال على أن الاتفاقية الأمنية تحترم التشريعات المحلية، مجرد أقاويل، وأن الحقيقة – وفقا للآراء الدستورية والقانونية – تشير إلى أن مواد الاتفاقية وتفاصيلها تتعارض بشكل واضح مع الدستور والتشريعات الكويتية، وقد بيَّن الجميع موقفه بشكل واضح من الاتفاقية.
واختتم الفوزان تصريحه بقوله: توقعاتي أن الاتفاقية لن تمر، فهناك ضغط شعبي قوي على أعضاء مجلس الأمة، وقد أعلن أكثر من نائب رفضه القوي، وتأكيده أنه ضد الاتفاقية، وأصبح الرافضون لها أغلبية، فضلاً عن أن كل ذلك يأتي على وقع رفض عارم من الشارع الكويتي للاتفاقية، مدعوما برفض أقوى من مؤسسات المجتمع المدني والتنظيمات السياسية، وإن شاء الله عندما تصل الأمور إلى التصويت في قاعة عبدالله السالم لن يكون هناك العدد الكافي لتمريرها.
انتقاص من السيادة
ضاري الرجيب
من جانبه، أكد منسق التيار التقدمي ضاري الرجيب ثبات موقف تنظيمه تجاه الاتفاقية الأمنية، قائلا: لم يتغير موقفنا بشأن الاتفاقية الأمنية بين دول الخليج، حيث شاركنا في بيان مع القوى الديمقراطية والتقدمية في البحرين، وأشرنا إلى رفضنا للاتفاقية، كما أصدرنا بيانا آخر يوضح موقف التيار في هذه الاتفاقية.
وزاد الرجيب: وفقا لما ورد في الاتفاقية الأمنية، فإنها تنتقص من السيادة الوطنية للكويت، وتنال بشكل واضح من الضمانات الدستورية للمواطنين، كونها تفتح المجال لتدخل الأجهزة الأمنية الخليجية في شؤون البلدان الخليجية الأخرى تحت ذريعة التعاون الميداني وتقديم الدعم والمساندة ومواجهة الاضطرابات الأمنية، كما جاء في المادة العاشرة من الاتفاقية.
وأردف قائلا: كما أن فيها توسعا ملحوظا في مجال تبادل الأجهزة الأمنية الخليجية للمعلومات والبيانات المتعلقة بالمواطنين، وفق ما جاء في المادتين الرابعة والثامنة من الاتفاقية، فضلا عن عدم تضمنها لضوابط واضحة لدخول دوريات المطاردة البرية والبحرية واجتيازها لحدود البلاد، وفق ما جاء في المادة الرابعة عشرة من الاتفاقية.
وأضاف: إذا نظرنا إلى المادة السادسة عشرة، سنجدها تخلو من أي ضمانات جدية تكفل حقوق المواطنين الذين تطلب الدول الأخرى تسليمهم للمحاكمة، وهذا تأكيد نصي وواضح على أن الاتفاقية الأمنية فيها مساس صارخ بالسيادة الوطنية للكويت، وتنتقص بصورة مكشوفة من الضمانات الدستورية لحقوق المواطن وحريته، الأمر الذي يتطلب إعلان موقف شعبي واضح في رفضها والعمل المشترك بين القوى السياسية للتصدي لمحاولات السلطة لتمرير هذه الاتفاقية، ودق مسمار آخر في نعش الديمقراطية والدستور والسيادة الوطنية لتعزيز وتثبيت نهج المشيخة والانفراد بالسلطة والقرار.
______________________________
منقول عن جريدة الطليعة تاريخ 12/02/2014