الدستور الكويتي يتبنى الاشتراكية
الاشتراكية لا تتعارض مع الدستور الكويتي، كما أنّه لا يتبنى النظام الرأسمالي مثلما يروّج الإعلام البرجوازي، بل العكس تماماً، ذلك أنّه عند وضع دستور 1962 جرى التأكيد وتحديداً في محضر الجلسة 19 للمجلس الـتأسيسي المنعقدة يوم الثلاثاء 11 سبتمبر من العام 1962، نجد أنّ وزير الصحة عضو المجلس التأسيسي عبدالعزيز الصقر قد طلب من الخبير الدستوري للمجلس تحديد طبيعة النظام الاقتصادي للدولة، قائلاً: “هل النظام الاقتصادي لدولة الكويت الذي ستنتهجه اشتراكي أو رأسمالي أم موجّه أم حر؟”… فرد الخبير الدستوري للمجلس التأسيسي الدكتور عثمان خليل عثمان: “إنّ النصوص تؤيد الملكية الفردية وهذا يعني أنّ المالك حر في التملك، ولكن ليس ذلك على حساب المصلحة العامة،، بل يمكن للدولة أن تضع نصوصاً وحدوداً في شأن الملكية الفردية، فإذن المراد هو أن نأخذ بالاشتراكية المعتدلة، وهذا هو موقفنا بين القوى المتصارعة حاليا في العالم الشرقية والغربية”… فأعاد عبدالعزيز الصقر سؤاله: “أنا أريد أن أعرف ما هو نظامنا الاقتصادي في الأنظمة الموجودة في العالم، وأين هو طريقنا في النظام الاقتصادي، هل هو نظام حر أم نظام موجّه؟”… فأوضح الخبير الدستوري للمجلس التأسيسي: “الحرية تتنافى في نظر الكثيرين مع التوجيه لتنافر الكلمتين، ولكن يمكن التوفيق بينهما، بمعني أن الحرية ليست مطلقة فهي تقبل التوجيه والتدخل من جانب الدولة ككل حرية لها من الضوابط ما يجعلها لا تمس المصلحة العامة. وما نريده بهذا أنّ الفرد حر في التملك. إنّ الملكية الفردية مصونة ولكن كلا الأمرين يخضع لتوجيه الدولة، وعليه فاقتصادنا حر ولكنه خاضع لتوجيهات الدولة”… ورداً على سؤال محدد من عبدالعزيز الصقر: “هل يكون الاقتصاد موجها فقط أو أنّ الدولة تتدخل في نطاق واسع؟” أجاب الخبير الدستوري قائلاً: “الاقتصاد مشترك بين النشاط الحر والنشاط العام”… وفي الجلسة 26 للمجلس التأسيسي المنعقدة يوم السبت 3 نوفمبر من العام 1962، ووفقاً لمحضرها فقد سأل عضو المجلس التأسيسي سليمان الحداد عن تفسير المادة 20 من المذكرة التفسيرية “هل نفهم من هذه المادة أنّ الدولة تتبع نظاما اقتصادياً معيناً؟”، فأجاب الخبير الدستوري للمجلس: “قلنا أنّ النظام الاقتصادي هو عبارة عن نظام اقتصادي يقوم على أساس احترام الملكية الفردية مع جعل هذه الملكية متفقة مع مقتضيات الحياة الاجتماعية، ويعتبر هذا وضعاً اقتصادياً وسطاً بين الاشتراكية المتطرفة وبين الرأسمالية المتطرفة فهو تعبير عما نسميه بالاشتراكية المعتدلة، فهذا هو المكان الوسط، الذي رأت لجنة الدستور أنّه خير الأمور الوسط ولذلك تخيرته دون أحد المظهرين المتطرفين”… فتساءل العضو سليمان الحداد عما إذا كانت الاشتراكية المعتدلة تتنافى مع الاقتصاد الحر، فأوضح الخبير الدستوري أنّه “اقتصاد حر ولكنه موجّه أو مدار بمعنى أنّه إلى جانب النشاط الحر يوجد إشراف الدولة ورقابتها والنشاط العام…” فأيّد العضو الحداد توضيح الخبير وقال: هذا ما أقصد إليه أن يسجل أنّ الاقتصاد في الكويت اقتصاد حر موجّه… وبذلك انتهت المناقشة في المجلس التأسيسي إلى ما انتهت إليه من وصف لنظامنا الاقتصادي كاقتصاد حر موجّه وليس اقتصاداًرأسمالياً حراً أو متطرفاً، بل لقد أُشير أكثر من مرة في محاضر المجلس التأسيسي إلى أنّه أقرب إلى الاشتراكية المعتدلة ونظام وسط بين الاشتراكية المتطرفة والرأسمالية المتطرفة.إنّ الرأسمالية المتطرفة هي النيوليبرالية، وهي التي تمثل هدماً للنظم الأساسية، أما الاشتراكية المتطرفة، فهي مثل تجربة "الخمير الحمر" في كمبوديا خلال السبعينيات أثناء فترة حكم بول بوت سيئ الذكر، وهي تجربة مرفوضة.