الأمل في الشعوب فقط
كتبتُ في الشهر المنصرم مقالاً بعنوان «الدعوة للتقارب الخليجي - الإسرائيلي» نشرته الراي حين ذاك، وهو حول إشارات قد تشي بقرب علاقات وتطبيع علني لدول الخليج مع العدو الإسرائيلي، خاصة مع تكرار القول من شخصيات وجهات خليجية مختلفة: «بأننا نحتاج إلى تحالفات جديدة» لمواجهة التقارب الأميركي - الإيراني، أو بمعنى آخر بسبب تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها في دول مجلس التعاون».فماذا يعني أن يقبل وزراء خارجية «29 دولة عربية من بينها معظم دول مجلس التعاون ومسؤولون آخرون بينهم نجل خادم الحرمين الملك عبد الله بن عبد العزيز ودول إسلامية مثل اندونيسيا وماليزيا وبنغلاديش والمبعوث الخاص للإدارة الأميركية إلى المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية مارتن اندريك، ماذا يعني قبول هذه الدول الاستماع إلى خطاب الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز حتى وإن كان من تولى الحديث المباشر معه مساعد الأمين العام للأمم المتحدة تيري رود لارسن؟» (الراي 3 ديسمبر نقلاً عن يديعوت أحرنوت الإسرائيلية).ماذا يعني هذا الاجتماع في مدينة أبو ظبي الإماراتية الخليجية؟ ولماذا لم تحتج أو تنسحب أي من هذه الدول على هذا الاجتماع حتى وان كان عبر اللقاء المتلفز؟ فهل هذا يجيب على تساؤلاتنا في ذاك المقال، عن تزامن معلومات كتبها وكيل وزارة الخارجية البحريني للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون واقتراح خبير استراتيجي كويتي وقيادي في «حدس» عن ضرورة «البحث عن تحالفات أخرى جديدة».إن الشعوب العربية تعلم ومنذ زمن بعيد قبل «التقارب الأمريكي - الإيراني» بأن هناك لقاءات ومفاوضات تتم بين دول عربية وإسلامية والعدو الصهيوني من تحت الطاولة، تم الكشف عنها في العديد من وسائل الإعلام الغربية، بل كشفت التقارير بيع الرئيس المصري السابق محمد مرسي ومن خلفه جماعة الأخوان المسلمين لأراضي بلاده في شمال سيناء وبموافقة «حركة حماس» الفلسطينية من أجل مشروع توطين الفلسطينيين.فهل هان الدم الفلسطيني واستبيحت الأراضي العربية الفلسطينية وأُهدرت كرامة الشعوب العربية على الأنظمة العربية والإسلامية؟ وما هو الثمن مقابل بيع شعوبنا وأراضينا لأجل عيون إسرائيل؟ هل هو ما يدعيه بيريز من أن «عدونا المشترك هو إيران والتطرف الإسلامي»؟ ألم تعد إسرائيل هي العدو المشترك والمغتصب لأراضينا العربية الذي ارتكب المذابح تلو المذابح ضد أهلنا في فلسطين؟إن الوثائق والمعلومات المتناثرة والمنتشرة في وسائل الإعلام تشير إلى علاقات قديمة وبالخفاء بين إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، وأي حديث عن التطرف الإسلامي؟ والجميع يعلم أن بعض الدول العربية والاستخبارات الأجنبية هي من يغذي ويدعم الإرهاب والتطرف الإسلامي، بل تم تمويل وتدريب الجماعات الجهادية والتكفيرية على يد الاستخبارات البريطانية حتى سميت لندن بـ«لندنستان».ألم تخرج الشعوب العربية قبل أيام احتجاجاً على مشروع «برامر» لتهجير عرب النقب الفلسطينيين عن أراضيهم من أجل إقامة مستوطنات إسرائيلية؟ هذا المشروع الذي لم يحرك لا الضمير العربي الرسمي ولا الإسلامي ولا العالمي، مما يترك جرحا غائرا في كرامة الأمة العربية بسبب تخاذل وخيانة هذه الدول والجهات لها.من يتبقى للشعوب العربية؟ فكل نظام عربي يقهر شعبه والدول العربية والإسلامية مجتمعة تقهر الأمتين العربية والإسلامية وتتآمر عليهما، لم يتبق للشعوب إذاً سوى أنفسها وإرادتها في التحرر والانعتاق من التبعية، وبناء مجتمعاتها الديموقراطية وبالتنمية الذاتية المستقلة، وحدها الشعوب لا تقهر وستدحر المؤامرة الكبيرة عليها وستقيم مجتمعات العدالة والحرية والمساواة والكرامة.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
_________________________________________
منقول عن جريدة الراي تاريخ 04/12/2013 العدد:12574