بيان صادر عن "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" حول حكم المحكمة الدستورية القاضي ببطلان حلّ المجلس السابق وإبطال انتخابات فبراير 2012
عقد "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" اجتماعه الطارئ مساء الأربعاء 20 يونيو 2012 برئاسة الزميل ضاري الرجيب المنسق العام للتيار، وذلك للتداول حول الحكم الصادر عن المحكمة الدستورية الذي قضى ببطلان مرسوم حلّ مجلس الأمة في ديسمبر من العام 2011 وإبطال الانتخابات النيابية التي أجريت في فبراير 2012، وبحث أبعاد هذا الحكم ونتائجه وتداعياته.
ومع أنّ "المجلس العام للتيار التقدمي الكويتي" ليس في صدد الخوض في الحيثيات الدستورية لحكم المحكمة الدستورية ويقرّ بإلزاميته، إلا أنّه يرى أنّ هناك مسؤولية سياسية يجب أن تتحمّلها السلطة التي تسببت في ما حدث، وليس أن تنحصر المسؤولية في مَنْ قدم الاستشارات الدستورية والقانونية المغرضة، إذ أنّ ما حدث يعود بالأساس إلى تجاهل السلطة للاعتراضات التي أبديت في حينه حول عدم سلامة إجراءات صدور مرسوم حلّ مجلس الأمة السابق، الذي كان مستحقاً، وذلك عبر إصدار مرسوم يحمل توقيعاً مجاوراً لرئيس مجلس الوزراء الحالي المكلّف حينذاك بتشكيل الحكومة قبل تشكيل حكومته بدلاً من الإجراء السليم الذي يقتضي توقيع رئيس مجلس الوزراء السابق على ذلك المرسوم، ما قاد إلى الطعن في صحة صدور مرسوم الحلّ وما ترتب عليه بعد ذلك من إجراءات... إذ أنّ السلطة تعمّدت هذا الخطأ المقصود للوصول إلى ما خططت له مسبقاً.
ويرى "التيار التقدمي الكويتي" أنّ الوضع المستجد يعيد البلاد مجدداً إلى المربع الذي كانت عليه الأزمة السياسية المحتدمة في بداية ديسمبر من العام الماضي، وهو وضع لا يمكن قبول عودته وتجاهل مطالب الحراك الشعبي المتصلة برحيل الحكومة السابقة ورئيسها ومجلس الأمة المنحلّ على خلفية ما انكشف من فضائح الفساد السياسي، ما يقتضي المسارعة على الفور إلى تصحيح إجراءات حلّ مجلس 2009 المرفوض شعبياً عبر إصدار مرسوم جديد خالٍ من أي عوار، بما في ذلك ما قد يُثار حول سلامة تركيبة مجلس الوزراء في وضعه الحالي.
كما يحذر "التيار التقدمي الكويتي" من أن تستغل السلطة وحلفاؤها من قوى الفساد ومراكز النفوذ وأصحاب المصالح الوضع المستجد لإضفاء المشروعية على المجلس المنحلّ المرفوض شعبياً، أو للعبث مرة أخرى بالنظام الانتخابي أو تغيير الدوائر الانتخابية وآلية التصويت وذلك تحت أي ذريعة من الذرائع، مع التأكيد على ضرورة ضمان نزاهة الانتخابات النيابية المقبلة التي يجب أن تُجرى في أقرب وقت ممكن.
ويؤكد "التيار التقدمي الكويتي" ما سبق أن أعلنه في بياناته السابقة من أنّ السبب الرئيسي للأزمة السياسية التي كانت الكويت تعاني منها ولا تزال إنما يعود بالأساس إلى التعارض بين نهج المشيخة من جهة وبين متطلبات التطور الديمقراطي وبناء الدولة الكويتية الحديثة من جهة أخرى، وبالتالي فإنّه لا مخرج حقيقياً من هذه الأزمة إلا عبر التخلي عن نهج الإنفراد بالسلطة وفق عقلية المشيخة، وإنهاء الرعاية السلطوية للإفساد والفساد، وكفّ أيدي قوى الفساد ومراكز النفوذ وسطوة أصحاب المصالح عن التحكّم في القرار السياسي، ووقف كافة أشكال التدخّل في الانتخابات والعبث بالدستور والمؤسسة البرلمانية، وإحداث إصلاحات سياسية ودستورية تدفع في اتجاه التحوّل نحو نظام ديمقراطي برلماني مكتمل الأركان، وعدم احتكار مناصب رئاسة مجلس الوزراء والوزارات السيادية، واستعادة مجلس الوزراء لدوره الدستوري كسلطة مقررة للسياسة العامة للدولة وليس أن يكون مجرد جهاز تنفيذي تابع يتلقى التعليمات، وضمان استقلال القضاء، وإصلاح قانون الانتخابات، وإقرار قانون للأحزاب السياسية، وتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة بما يؤكد انعقاد المجلس من دون اشتراط حضور الوزراء… وعليه فإنّه من دون تلبية مثل هذه الاستحقاقات والإصلاحات فإنّ الأزمة ستبقى قائمة، بل هي قابلة للتفاقم.
وختاماً، يرى "التيار التقدمي الكويتي" أنّه من الضرورة بمكان الإبقاء على ملف الفساد السياسي مفتوحاً واستئناف التحقيق فيه وكشف الحقائق أمام الشعب الكويتي ومحاسبة الأطراف الحكومية والنيابية المتورطة في فضيحتي الإيداعات المليونية والتحويلات الخارجية وغيرها من فضائح الرشاوي والإفساد والفساد واستغلال النفوذ التي زكمت الأنوف، مع ضرورة إقرار قوانين الشفافية ومكافحة الفساد، وكذلك إيلاء اهتمام جدّيّ بالهموم المعيشية وبالمطالب الاجتماعية للطبقات الشعبية.
ويدعو "التيار التقدمي الكويتي" القوى الحيّة في المجتمع الكويتي إلى اليقظة تجاه أي محاولات استفزازية لخلط الأوراق ورفض اتخاذ أي إجراءات مخالفة للدستور، كما يدعو إلى التصدي إلى أي دعوات لتمزيق النسيج الوطني الاجتماعي وإثارة النعرات الفئوية والعنصرية والطائقية والقبلية.
الكويت في 20 يونيو 2012