بيان نعي المناضل الوطني الكبير عبدالله النيباري صادر عن الحركة التقدمية الكويتية
بحزن وحسرة تنعي الحركة التقدمية الكويتية إلى الشعب الكويتي الأبي وإلى أبناء منطقة الخليج والجزيرة العربية وإلى شعوب الأمة العربية كافة، وإلى المناضلين الوطنيين والتقدميين والديمقراطيين العرب المناضل الوطني الكبير الأستاذ عبدالله النيباري، الذي رحل عن دنيانا مساء اليوم الأحد العشرين من مارس/ آذار 2022 عن عمر يناهز السادسة والثمانين عاماً، أمضى منها أكثر من ستة عقود مناضلاً متفانياً وقائداً مرموقاً في صفوف الحركة الوطنية الكويتية وقطباً برلمانياً مشهوداً له بالكفاءة، وشخصية علمية اقتصادية متميزة، ويكفيه فخراً أنّه من جهة بطل تأميم النفط والخلاص من هيمنة الشركات الاحتكارية النفطية الأجنبية على ثروة الكويت الوطنية الأساسية، وهو من جهة أخرى المناضل الذي كاد أن يفقد هو وشريكة عمره الأستاذة فريال الفريح حياتيهما عندما تعرضا لمحاولة الاغتيال الآثمة على أيدي عناصر الفساد في السادس من يونيو/ حزيران من العام 1997.
وتستذكر الحركة التقدمية الكويتية المسيرة النضالية للراحل الكبير الأستاذ عبدالله النيباري، بدءاً من دوره القيادي في الفرع الكويتي لـ "حركة القوميين العرب"، الذي كان يشكّل التنظيم الأساسي للحركة الوطنية الكويتية إلى نهاية عقد الستينات، وكتاباته الثرية في مختلف الشؤون السياسية والاقتصادية والنفطية على وجه الخصوص في صحيفة "الطليعة" لسان حال الحركة الوطنية منذ صدورها إلى حين توقفها الاضطراي قبل نحو ست سنوات، حيث كان من أركانها الأساسيين حتى قبل أن يتولى رئاسة تحريرها في السنوات الأخيرة.
وساهم الفقيد الكبير في توعية الرأي العام الشعبي الكويتي، بل الخليجي والعربي، بقضايا النفط وارتباطها بالتحرر الاقتصادي الوطني والتنمية المستقلة، وكان للراحل دور محوري لا يمكن تجاهله في مجابهة شركات النفط الاحتكارية الأجنبية والتصدي لاتفاقياتها المجحفة والمطالبة بتأميمها، وهذا ما عبرت عنه مقالاته ومداخلاته المثبتة في مضابط مجلس الأمة، خصوصاً في النصف الأول من سبعينات القرن العشرين، عندما كانت تدور المعركة الوطنية المتصلة باتفاقية المشاركة ولاحقاً تأميم النفط، وواصل بعد ذلك دوره المشهود في مجال الاستغلال الوطني الأمثل للثروة النفطية والحفاط عليها والحدّ من استنزافها والتصدي لمحاولات عودة الشركات الاحتكارية الأجنبية إلى السيطرة مجدداً على جزء من ثروتنا النفطية عبر ما سمي قانون حقول الشمال.
ولا يمكن تناسي الممارسة النيابية المتميزة من موقع المعارضة الوطنية للفقيد الكبير الأستاذ عبدالله النيباري في استجواباته المستحقة لعدد من الوزراء، وأسئلته النيابية التي كانت تستقصي أدق الأمور، ورئاسته للعديد من اللجان البرلمانية، وأهمها رئاسته لجنة تقصي الحقائق عن المسؤولية في كارثة الغزو والاحتلال، التي وثّقت أوجه التقصير والتهاون والتراخي للعديد من كبار المسؤولين في الدولة في التعامل مع تلك الكارثة قبل وقوعها وأثناء فترة الاحتلال.
وللراحل الكبير ممارسات نضالية مشهودة على الأرض، حيث بذل جهده وضحى بحريته من أجل مبادئه وقضايا الشعب والوطن، وكان ضمن مجموعة المعتقلين من القيادات والعناصر الديمقراطية في مايو/أيار من العام 1990 الذين تصدوا للسلوك الأمني الاستفزازي حينما جرى اعتقال الزعيم التاريخي الكبير الراحل الدكتور أحمد الخطيب من ديوانه في الروضة خلال فترة الانقلاب الثاني على الدستور.
وأثناء الاحتلال كان الراحل الكبير الأستاذ عبدالله النيباري صامداً داخل الوطن، وتعرض للاحتجاز والتحقيق والتفتيش أكثر من مرة، ومع ذلك فقد كان يواصل خلال تلك الفترة العصيبة نضاله من أجل تجميع قوى الحركة الوطنية، التي شارك فيها رفاقنا في حزب اتحاد الشعب في الكويت والإخوة في التجمع الوطني والشهيد فيصل الصانع، وكانت ثمرتها إطلاق "المنبر الديمقراطي الكويتي" كائتلاف وطني ديمقراطي تقدمي في الثاني من مارس/ آذار من العام 1991 بعد تحرير الكويت بأيام قلائل، حيث تولى قيادته عند تأسيسه وكذلك في فترات لاحقة من مسيرته.
وهنا لابد من أن نستذكر نحن في الحركة التقدمية الكويتية بوصفها الامتداد التاريخي لحزب اتحاد الشعب في الكويت مختلف جوانب العلاقة النضالية والعمل المشترك بكل توجهاته وتعقيداته ونجاحاته وإخفاقاته، التي جمعتنا مع الفقيد الكبير.
وكذلك فإنّ فقيدنا الكبير الأستاذ عبدالله النيباري كان شخصية ثقافية صاحبة اطلاع ومعرفة واهتمام بمختلف جوانب الفكر والأدب والثقافة، وجمعته علاقات وثيقة مع مثقفي الكويت وأدبائها وكتابها وكذلك مع العديد من الشخصيات الثقافية والفكرية والأدبية والفنية في الخليج والجزيرة العربية، بل في عموم البلدان العربية، ناهيك عن علاقاته مع الشخصيات العلمية والثقافية والخبراء الاقتصاديين في عدد من بلدان العالم… وكانت للفقيد على المستوى الخليجي إسهامات رئيسية في تأسيس "منتدى التنمية" منذ نهاية السبعينات وقيادته والمشاركة في ندواته السنوية ومناقشات أبحاثه… كما كانت للفقيد الكبير علاقاته مع العديد من كبار المناضلين العرب.
وفي الختام تتقدم الحركة التقدمية الكويتية بخالص عزائها إلى أسرة الفقيد وشريكة حياته الأستاذة فريال الفريح وكريماته، وكذلك إلى أصدقائه ورفاقه ومحبيه، وإلى الإخوة في "المنبر الديمقراطي الكويتي"، وإلى الشعب الكويتي كافة.
وستبقى حاضرة في قلوبنا وعقولنا ذكرى فقيد الكويت المناضل الوطني الكبير الأستاذ عبدالله النيباري.
الكويت في 20 مارس/ آذار 2022