بيان الحركة التقدمية الكويتية حول التشكيل الوزاري الجديد: تغيير في بعض الأسماء والحقائب... أما النهج فلم يتغيّر
بعد انتظار وترقب استمر نحو شهر كامل جاء الإعلان اليوم عن التشكيل الوزاري الجديد ليتضمن بعض التغيير في أسماء الوزراء بتوزير سبعة وزراء جدد، وتبديل الحقائب الوزارية لاثنين من الوزراء الأعضاء في التشكيل الوزاري السابق، وعدم استكمال التشكيل الجديد وفق النصاب العددي المعتاد، وتولية وزير من خارج الأسرة لأول مرة حقيبة وزارة الداخلية، وذلك من دون أن يصاحب هذا الإعلان عن التشكيل أي إعلان عن برنامج عمل إصلاحي واضح ومحدد، بحيث يمكن القول إن هذا التغيير الجزئي في بعض الأسماء وتوزيع الحقائب يبرر الأمل بحدوث تغيير في نهج الحكومة يختلف عن النهج المتبع للتشكيلات الوزارية المتعاقبة سواء من حيث طريقة الاختيار المعتادة في التوزير، أو من حيث تجاوز حدود الدور التنفيذي الهامشي الذي أصبحت مجالس الوزراء المتعاقبة تمارسه بعيداً عن الدور الدستوري المفترض للحكومة كمركز فعلي لاتخاذ القرار السياسي… كما أنه ليست هناك مؤشرات تدل على أي تراجع عن نهج السلطة في التضييق على الحريات؛ أو باتجاه التخلي عن السياسات الاقتصادية والاجتماعية المنحازة لصالح قلة من كبار الرأسماليين الطفيليين، أو الجدية في حل مشكلات السكن وتردي الخدمات العامة ومعالجة قضايا المقترضين والكويتيين البدون وتحسين الظروف المعيشية للغالبية الساحقة من الناس، ناهيك عن استبعاد أي احتمال لاتخاذ خطوات باتجاه تصحيح المسار السياسي وتحديداً إصلاح النظام الانتخابي السيئ للصوت الواحد المجزوء.
ومن جانب آخر فأنّه من الصعب جداً أن يحظى التشكيل الوزاري الجديد بثقة الشعب واطمئنانه إلى قدرته على التصدي للمافيات التي تنهب موارد الدولة وتتحكم في العديد من مفاصل القرار فيها، أو الجدية في كشف قضايا الفساد المتراكمة وعدم لفلفتها وملاحقة الفاسدين وعدم التغطية عليهم ومحاكمتهم علنياً ومحاسبتهم جزائياً، أياً كانت اسماؤهم ومواقعهم، ومصادرة الأموال المنهوبة وإعادتها إلى خزينة الدولة، وتطهير مختلف أجهزة الدولة من العناصر الفاسدة، وذلك ليس من باب التشكيك في نزاهة شخص رئيس مجلس الوزراء والوزراء، وإنما استناداً إلى التجارب الملموسة للرئيس الحالي نفسه وبعض أركان حكومته عندما كانوا أعضاء في التشكيلات الوزارية السابقة وتراخيهم في التعامل مع ملفات الفساد وعدم جديتهم في اتخاذ إجراءات جلب المتهم فهد الرجعان مدير التأمينات الاجتماعية السابق إلى الكويت لمحاكمته، ولفلفة قضية التحويلات المليونية عبر وزارة الخارجية التي أدت إلى ابتعاد وزير الخارجية الأسبق محمد صباح السالم، وكذلك ملف الحيازات الزراعية.
إنّ التشكيل الوزاري الجديد هو امتداد للتشكيلات الوزارية الحكومية المتعاقبة مع بعض التحسينات الشكلية، ونحسب أنه لا يرقى إطلاقاً إلى مستوى القدرة على التعامل مع الأزمة السياسية المحتدمة، التي هي بالأساس أزمة السلطة نفسها؛ وأزمة نهجها غير الديمقراطي؛ وأزمة المصالح الطبقية الضيقة التي تمثلها؛ وأزمة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية المتناقضة مع مصالح الأغلبية الساحقة من المواطنين؛ وأزمة سوء إدارتها للدولة، وأزمة صراعات مراكز القوى داخلها… وهي أزمة عميقة لا يمكن معالجتها عبر تشكيل وزاري كالتشكيل المعلن عنه.
واستناداً إلى كل ما سبق فإن الحركة التقدمية الكويتية تؤكد وتكرر دعوتها إلى المواطنين كافه وإلى القوى الحيّة في المجتمع الكويتي لتحمّل مسؤولياتهم الوطنية والسياسية وتوحيد جهودهم حول التوجهات الأربعة التالية:
1- ممارسة الرأي العام الشعبي كافة أشكال الضغط السياسي والجماهيري والإعلامي على الحكومة لمنع أي محاولة للتراخي في التعامل مع قضايا الفساد أو لفلفتها.
2- توحيد الجهود الشعبية للتحرك من أجل تصحيح المسار البرلماني واستعادة الدور الرقابي الجدي لمجلس الأمة عبر الإسراع في إقرار قانون انتخابات ديمقراطي بديل يعالج الاختلالات الخطيرة التي نشأت عن مرسوم قانون الصوت الواحد المجزوء، ليعقبه إجراء انتخابات نيابية مبكرة نزيهة خالية من التدخلات الحكومية والمال السياسي.
3- مواصلة المطالبة بإطلاق الحريات الديمقراطية وإلغاء القوانين المقيدة لها، وتحقيق إنفراج سياسي عبر العفو عن المحكومين والمحبوسين والملاحقين في قضايا الرأي والتجمعات.
4- التحرك من أجل تشريع قوانين واتخاذ إجراءات حكومية عاجلة وعادلة اجتماعياً لمعالجة المشكلات المعيشية التي تعاني منها الغالبية الساحقة من المواطنين وتحسين ظروف المعيشة ومعالجة مشكلات المقترضين، وقضية الكويتين البدون.
الكويت في 17 ديسمبر 2019