عشق الدماء والأشلاء والرياء
نحن أمة تعشق الدماء والأشلاء وتمارس الرياء تحت اسم الدين والشرعية وتحت يافطات السياسة الإقصائية والطائفية السوداء المتخلّفة، فتفجير في لبنان وتفجير في مصر الآمنة وتفجير في العراق وتفجير في اليمن... إلخ.نحن فجّرنا الوطن العربي بأكمله بكل فخر، تحت عناوين الجهل والتعصب والعمالة والخيانة، نتلقى الأموال والرشاوى بأصابع ملطخة بدماء الأطفال والنساء، ونسميها أعمالاً خيرية، نتلقى السلاح والبارود والأحزمة الناسفة من الشيطان، ونسميها جهاداً.ألسنا من المفترض أن نكون خير أمة أُخرجت للناس؟ كيف ونحن نكبّر ونهلّل ونتبادل التبريكات كلما أسقطنا ضحايا وأسلنا دماء أكثر من أبناء جلدتنا، نبدو ورعين في مظهرنا وشياطين في أفعالنا، وعبادة المال تجعلنا عملاء ومستشارين للسلطات والأنظمة، نطيل اللحى ونهدد باسم الله تعالى وباسم رسوله الكريم، نعادي الأديان والطوائف والأعراق الأخرى، بكراهية رضعناها في الأقبية السرّية.أُنتزعت الإنسانية من قلوبنا وبررنا قتل المسلم للمسلم بالانتصار للشرعيّة ولحكم الله، نمارس الدجل والشعوذة والخرافات ونسميها تعاليم دينية، نمارس الموبقات ونتنصّل منها وأصابعنا تشير بالاتهام إلى الآخر العلماني الانقلابي، ونرفع أربعة أصابع لنقول ميدان رابعة تارة أو نقول نقصد أربعة أصوات وخمس دوائر تارة أخرى، كذب ودجل لا استثناء فيه لشيء أو لأحد.تعلو أصوات الوقاحة ضد إرادة شعوبنا المغلوبة على أمرها، ونخفض أصوات الذل للسلطات والأنظمة وللصهيونية والاستخبارات الأجنبية، ندّعي المعارضة والمقاومة والممانعة ونصرة الشريعة وعيوننا ترنو إلى الكراسي والأموال.لا توجد تجارة أربح من تجارة الدين، لا تخسر ما دام هناك أناس بسطاء خيّرون يسهل امتصاص جيوبهم باسم الزكوات والتبرعات الخيرية وجمعياتها، ونحن بمنأى عن المساءلة والمحاسبة لأن السلطات تدافع عنا، وتصرّح في كل مرة أن أموال المسلمين لا تذهب للإرهاب والقتل والدمار فهذا ليس من عاداتنا وتقاليدنا.نؤيد التفخيخ ونحتفل بالتفجير خلف الكواليس، وندينه أمام الميكرفونات، نغيّر انتماءاتنا ونعطيها أسماء مدنية وديموقراطية، لكن يبقى فعلنا واحدا وهدفنا واحدا، هو القتل والدماء والأشلاء ضمن استراتيجية الرياء الديني.نحن نقتل باسم رأفة الإسلام وننتحر بالأحزمة الناسفة استعجالاً للقاء حور العين، نحن نغتال والتاريخ يسجل بالوثائق، لكننا ننكر بكل وقاحة وصفاقة، ونفتخر بذلك أيضاً بكل وقاحة وصفاقة عندما يحين الوقت لذلك.كل تأويل لقول الله يصلح في هذا العصر، أصبحنا خبراء في التأويل والتأويل المضاد حسب مصالحنا، نحن صادقون ما دامت جباهنا تحمل زبيبة الصلاة، ولكن كم من جباه تحمل سيماء الورع سجدت للصهيونية والاستخبارات الأجنبية؟ وكم حامل زبيبة الصلاة قُبض عليه بتهمة التجسس لجهات خارجية؟ هل نستثني أياً من أطراف عشاق الدماء والأشلاء المتناقضين المتعادين؟ليس للآخرين حق انتقادنا وإلا وصمناهم بمعاداة الإسلام وأهل البيت، ليبراليون علمانيون ملاحدة وكفرة، لذا هم عندما ينتقدوننا كبشر وينتقدون سلوكنا الإرهابي سواء الفكري أو الملطخ بدماء الأبرياء، هم ينتقدون الإسلام والخالق جل علاه.لنا أسماء عدة وتفريخات كثيرة، نحن نتكاثر ك «الأميبا»، لكن بصمتنا واحدة على شواهد القبور، ونرفع رايات غامضة وإذا سُئلنا قلنا «وسطيون معتدلون»، هل يحتاج اللغويون تفسيراً أبسط من ذلك لهذا المصطلح؟السلطات تدعمنا لمواجهة الخطر القومي واليساري، وأميركا تدافع عنّا وتجتمع بنا سراً مقابل ثمن زهيد هو بيع أوطاننا وحماية جارتنا إسرائيل، وإذا رفضتنا شعوبنا نفجّرها، فنحن نعشق الدماء والأشلاء بدم بارد.وليد الرجيبosbohatw@gmail.com
-----------------------------------------------------------------
منقول عن جريدة الراي تاريخ 30/12/2013 العدد:12600